للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحال الرابعة: الخطأ في التَّوْصِيف وصِحَّة الحكم.

هذه الحال مقررة على صِحَّة الحكم القضائي في نتيجته بأن وافق الصواب، لكن توصيفه كان خطأً، فإذا أصاب القاضي في حكمه ولكن توصيفه للواقعة كان خطأ فإنَّ الحكم يكون مستوجبًا للنقض؛ لأَنَّ إصابة القاضي في حكمه ظهر بناؤها على تَوْصِيف غير صَحِيح إمَّا لكون الواقعة غير صَحِيحة، أَوْ لكون تقرير الحكم الملاقي لها لم يقع موقعه، لكن يسوغ لمتعقب الحكم - كمحكمة التمييز أَوْ القاضي مُصَدِّرِ الحكم عند إعادة النظر في حكمه - إجازةُ الحكم وإمضاؤه بعد تَصْحِيح التَّوْصِيف، وتكون هذه الإجازة والإمضاء استئنافًا وإنشاءً، أَوْ تَصْحِيحًا للحكم الأول من متعقبه (١)، ويؤيد ذلك ما ذكره السبكي (ت: ٧٥٦ هـ)، فقد قال: " ... وإن بيَّن - يعني القاضي- المستندَ، ورأيناه غير صالح ولا تشهد قواعد الشريعة بصحته فينبغي أَنْ ينقض ونحكم حكمًا مستندًا إلى دليل صَحِيح، لكن أرى من باب المصلحة ألَّا ينقض، بل يَنْفُذُ؛ لئلا يجسر الناس على نقض أحكام الحُكَّام، ويجعل التنفيذ كأَنَّه حكم مبتدأٌ مستقلٌ، ولو حكم الحاكم المنفذ (٢) بحكم مستند إلى الحكم الأول


(١) الأشباه والنظائر لابن السبكي ١/ ٤١٠، المنثور ٢/ ٤٢٣.
(٢) وهو بمثابة الحاكم المميز الآن [فتاوى السبكي ٢/ ٧٨]، وانظر- أيضًا-: الفواكه البدرية ٢٣، مسعفة الحكام ٢/ ٥٩٣، مطالب أولي النهى ٦/ ٤٨٧، شرح المنتهى ٣/ ٤٨٤، الإنصاف ١١/ ٣١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>