قد سبق بيان حكم هذه الدلالات في النُّصُوص الشرعية.
والمطلوب هنا بيان حكم إعمال هذه الدلالات- الاقتضاء، والإِشارة، والإِيماء- في كلام المكلفين من إقرار، وتعاقد، ونحوهما.
فنقول: إنَّ هذه الدلالات هي دلالات التزامية للكلام، ولفظ المكلف قد وضع للدلالة على إرادته بالتزاماته العقدية ونحوها التي اتجه إليها قصده عند صدور الكلام منه، ولذا وجب عند تفسير دلالة كلامه أَنْ يلحظ هذا الأمر.
وغاية البحث في الألفاظ ودلالاتها صريحةً أَوْ التزاميةً: هو الكشف عن إرادة المكلف لما صدر منه من إقرار، أَوْ تصرف، أَوْ معاقدة، يقول ابن القَيِّمِ (ت: ٧٥١ هـ) - بعد أَنْ بين أَنَّ الألفاظ لم ترد لذواتها, ولا تُعُبِّدْنا بها، وإنَّما هي وسائل إلى المعاني، وأَنَّ الحقائق لا تتغير بتغير اللفظ، وأَنَّ الاستنباط هو استخراج الأمر الذي من شأنه أَنْ يخفي على غير مستنبطه-، يقول:"وإنَّما هذا -يعني الاستنباط- فهم لوازم المعنى ونظائره، ومراد المتكلم بكلامه، ومعرفة حدود كلامه بحيث لا يدخل فيها غير المراد، ولا يخرج منها شيء من المراد"(١).