للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في موضع آخر: "فمن عرف مراد المتكلم بدليل من الأدلة وَجَبَ اتباع مراده، والألفاظ لم تقصد لذواتها، وإنَّما هي أدلة يستدل بها على مراد المتكلم، فإذا ظهر مراده ووضح بأيِّ طريق كان عُمِل بمقتضاه، سواء كان بإشارة، أَوْ كتابة، أَوْ إيماءة، أَوْ دلالة عقلية، أَوْ قرينة حالية، أَوْ عادة له مطردة لا يخل بها" (١).

فقد ضبط ابن القَيِّمِ فيما ذكره سابقًا اعتبار تفسير الكلام بأَنَّه: ما أظهر مراد المكلف وأوضحه بأيّ طريق كان، وعدَّ من الدلالات الالتزامية دلالةَ الإِيماء.

وصرح بعض المعاصرين: بأَنَّه يعمل بدلالة الاقتضاء في كلام المكلفين؛ لأَنَّ الأصل صيانة كلام العاقل عن اللغو، ولأَنَّ إعمال الكلام خير من إهماله (٢).

وهذا هو ظاهر صنيع الأصوليين، فقد مَثَّلوا لدلالة الاقتضاء التي أوجبها تَوَقُّف صِحَّة الكلام على الدلالة عقلًا بأمر شخص لغيره بقوله: اصعد السطح، فإذا يقضي بالضرورة نصب السُّلَّم.

كما مَثَّلوا لدلالة الاقتضاء التي أوجبها تَوَقُّف صِحَّة الكلام عليها بقول شخص لآخر: اعتق عبدك عني على خمسمائة درهم، فيقدر إذا أعتقه بيع ضمني؛ لأَنَّ ذلك يقتضي ضرورة دخول العبد في


(١) إعلام الموقعين ١/ ١١٨، وانظر في المعنى نفسه: أحكام أهل الذمة ١/ ٣٠٨.
(٢) المناهج الأصولية للدريني ٣٥٠، والقاعدة الكلية للهرموش ٣٥٦، ٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>