للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - اعتدال حال القاضي عند التَّوْصِيف:

والمراد بذلك: أَنْ يكون القاضي عند تَوْصِيف الواقعة ونظر الدعوى على حال معتدلة، حاضر الذهن، صَحِيح الفهم.

فاعتدال حال القاضي على وجه تسكن فيها طبيعته ويجتمع فيها عقله ويتوفر فيها فهمه مما دعا إليه الشرع، ونهى عن ضده، فعن عبد الرحمن بن أبي بكرة - رضي الله عنه- أَنّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان" (١)، وما ذلك إلَّا لأَنَّ الغضب مما يمنع حضور القلب واستيفاء الفكر، فلا يؤمن معه فساد الفهم والعدول عن الحق، ولا يقتصر الأمر باعتدال القاضي على النهي عن الغضب، بل الواجب أَنْ يكون حين نظر القضية وتوصيفها في حال معتدلة، لا يشغله شيء عما هو فيه، وإذا عرض له ما يُشَوِّش على فكره ويمنعه من الفهم واستيفاء النظر من شبع مفرط، أَوْ جوع شديد، أَوْ وهو يدافعه الأخبثان، وغير ذلك مما يشغل الفكر- فإنَّه يمتنع عن القضاء والتَّوْصِيف عند حدوثه (٢).


(١) متفق عليه، واللفظ لمسلم؛ فقد رواه البخاري (الفتح ١٣/ ١٣٦)، وهو برقم ٧١٥٨، ومسلم (٣/ ١٣٤٢)، وهو برقم ١٧١٧.
(٢) إحكام الأحكام لابن دقيق العيد ٤/ ١٦٨، المغني ١١/ ٣٩٤، فتح الباري ٣/ ١٣٧، الموافقات ١/ ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>