للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنه مرجوح، وعلى كلٍّ فالصورتان لا يؤخذ بهما بتمذهب ولا غيره.

فائدة في الاتِّبَاع والتقليد:

لقد ذكر ابن هبيرة (ت: ٥٦٠ هـ) أَنَّ اتِّبَاع القاضي غيره في قوله أَوْ تقليده له سائغ غير ممنوع، وأَنَّ القضاة المقلدة يجب عليهم توخي الحق والحكم به، وقد سدوا ثغرًا يتعذر سده بدونهم، وأطال في ذلك، وأسوق لك فصولًا من كلامه، فهو يقول: "والصَّحِيح ... أَنَّ قول من قال: لا يجوز تولية قاضٍ حتى يكون من أهل الاجتهاد، فإنَّه إنَّما عنى به ما كانت الحال عليه قبل استقرار ما استقر من هذه المذاهب التي اجتمعت الأمة على أَنَّ كلًّا منها يجوز العمل به؛ لأَنَّه مستند إلى أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى سنته، فالقاضي في هذا الوقت وإن لم يكن من أهل الاجتهاد، وإن لم يكن قد سعى في طلب الأحاديث وانتقاد طرقها، وعرف من لغة الناطق بالشريعة - صلى الله عليه وسلم - ما لا يعوزه معه معرفة ما يحتاج إليه فيه، وغير ذلك من شروط الاجتهاد فإنَّ ذلك مما قد فرغ منه غيره، ودأب له فيه سواه، وانتهى الأمر من هؤلاء الأئمة المجتهدين إلى ما أراحوا فيه من بعدهم، وانحصر الحق في أقاويلهم (١)، ودُوِّنَت العلوم، وانتهت إلى ما اتضح فيه الحق، فإذا عمل القاضي في أقضيته بما يأخذه عنهم أَوْ عن الواحد منهم فإنَّه في معنى من كان أداه اجتهاده إلى قول قال (٢)، وعلى ذلك فإنَّه إذا خرج


(١) قوله: "وانحصر الحق في أقاويلهم" محل نظر ومناقشة.
(٢) هكذا في الأصل، ولعل الصواب: "قول قائل".

<<  <  ج: ص:  >  >>