للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤ - التجارب والخبرات الفنية المتجددة]

سبق أن بَيَّنَّا أَنَّ للحكم أدلةً على شرعيته، وأدلةً على وقوع معرفاته، وبَيَّنَّا أَنَّ من أدلة الوقوعِ الخبرةَ، والتجربةَ.

والفقيه محتاج للخبرة والتجربة، لتصور الواقعة وثبوتها حتَّى يتسنى له الحكم عليها (١)، إِلَّا أَنَّ الَّذي يحدث في هذا المجال أَن العلوم التجريبية قد تقرر حقيقة علمية ثم تعدل عنها إلى حقيقة أخرى توصَّل إليها العلماء المتخصصون في ذلك المجال بعد مواصلة البحث والتجربة، فما بني على مثل ذلك من الأحكام إذا استجد من سبل الخبرة والتجربة ما أظهر تغيير أوصاف الواقعة ومناط الحكم عليها وجب استئناف تقرير حكم للواقعة حسب أوصافها ومناطها المستجد؛ لانتقالها من أصل إلى آخر، ومن هذا القبيل أَنَّ الفقهاء كانوا يعدون الباسور من عيوب النِّكَاح التي لكل واحد من الزوجين الفسخ بها (٢)؛ لأَنَّها كانت داءً مستديمًا في الإِنسان يحصل به أذية الزوج لصاحبه، أَمَّا الآن فقد توصلت الخبرة الطبية إلى عملية جراحية لإِزالته في مدة يسيرة، فلا يثبت به خيار الفسخ ما دامت إزالته ممكنة في مدة يسيرة عرفًا.


(١) انظر: ما سبق في الخبرة [المطلب الثاني من المبحث الثالث من الفصل الثالث من الباب الأول].
(٢) شرح المنتهى ٣/ ٥١، الروض المربع بحاشية ابن قاسم ٦/ ٣٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>