للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا تواردت كلمات كوكبة من المحققين، أذكر طرفًا منها:

قال الشاطبي (ت: ٦٨٤ هـ): "واعلم أَنَّ ما جرى ذكره هنا من اختلاف الأحكام عند اختلاف العوائد فليس في الحقيقة باختلاف في أصل الخطاب؛ لأَنَّ الشرع موضوع على أنَّه أبديٌّ دائمٌ، ولو فرض بقاء الدنيا من غير نهاية والتكليف كذلك لم يحتج الشرع إلى مزيد.

وإنَّما معنى الاختلاف أَنَّ العوائد إذا اختلفت رجعت كل عادة إلى أصل شرعي يحكم عليها، كما في البلوغ مثلًا؛ فإنَّ الخطاب التكليفي مرتفع عن الصبي ما كان قبل البلوغ، فإذا بلغ وقع عليه التكليف، فسقوط التكليف قبل البلوغ ثم ثبوته بعده ليس باختلاف في الخطاب، وإنَّما وقع الاختلاف في العوائد أَوْ الشواهد (١) وكذلك الحكم بعد الدخول بأَنَّ القول قول الزوج في دفع الصداق؛ بناءً على العادة، أَوْ أَنَّ القول قول الزوجة بعد الدخول - أيضًا -؛ بناءً على نسخ تلك العادة، ليس باختلاف في حكم، بل الحكم: أَنَّ الَّذي ترجح جانبه بمعهود أَوْ أصل فالقول قوله بإطلاق؛ لأَنَّه مدعى عليه، وهكذا سائر الأمثلة، فالأحكام ثابتة تتبع أسبابها حيث كانت بإطلاق" (٢).


(١) مراده بالشواهد: القرائن الحالية - كما سوف يمثل -.
(٢) الموافقات ٢/ ٢٨٥، ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>