للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتفاء الموانع مهمة القاضي لا الشاهد (١).

بَقِيَ أَنْ نشير أَنَّ القاضي لو اعتمد توصيفًا للواقعة بناءً على البينات، وكان باطن ذلك عند الخصم بخلافه، فلا يحلّ الحق باطنًا للخصم بذلك، وهذا باتفاق الفقهاء في الأموال الظاهرة والأملاك المرسلة التي لم يذكر سبب تملكها، والغصوب والجنايات ونحوها (٢).

وأَمَّا النكاح والطلاق وسائر ما للقاضي إنشاؤه من العقود والفسوخ فذهب الجمهور من العلماء ومنهم محمد من الحنفية (ت: ١٨٩ هـ)، ومالك (ت: ١٧٩ هـ)، والشافعية، وهو المذهب عند الحنابلة، إلى أَنَّ الحكم ينفذ ظاهرًا لا باطنًا؛ فلا تصير المرأة في الباطن زوجة ولا مطلقة بشهادة الزور وإن حكم بذلك ظاهرًا (٣).

ويَقْوَى عندي أَنْ يقال: ينفذ الحكم في هذه الصورة ظاهرًا وباطنًا في حق المقضي عليه؛ لأَنَّه لا اختيار له في نفوذه، ولا ينفذ باطنًا في حق المقضي له؛ لعلمه بحقيقة الحال، والقدرة على الامتناع عن التنفيذ؛ لأَنَّ الأحكام تتجزأ بحسب أسبابها كما سبق بيانه، والاستدلال له (٤).


(١) أدب القضاء ٣٨٥، ٣٩٥، ٣٩٦.
(٢) الاستذكار ٢٢/ ١٦، بدائع الصنائع ٧/ ١٥، بداية المجتهد ٢/ ٤٦١، شرح السنة للبغوي ١٠/ ١١٣، مطالب أولي النهى ٦/ ٥٣٣، وسائل الإِثبات للزحيلي ٧٢٢.
(٣) بداية المجتهد ٢/ ٤٦١، مغني المحتاج ٣٩٧، المغني ١١/ ٤٠٧، المراجع السابقة.
(٤) انظر: المطلب الثاني من المبحث الثالث من الفصل الأول من الباب الثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>