(أ) أَنَّ الحكم الوضعي معرف للحكم التكليفي ومؤثر فيه:
أحكام الوضع من السبب والشرط والمانع أوصافٌ وأعلام ومُعَرِّفات لحكم التكليف، فإذا وقعت هذه المُعَرِّفات من سبب وغيره وتحققت بفعل المكلف لها استدعت أحكام التكليف وترتبت عليها من وجوب وحرمة أَوْ غيرهما، فالشرع يخبرنا بوجود الأحكام التكليفية من حرمة أَوْ وجوب أَوْ غيرها بوجود الأسباب والشروط والموانع، فهي توجد بوجود الأسباب والشروط، وتنتفى بوجود المانع أَوْ انتفاء الأسباب والشروط.
فإيقاع السبب بمنزلة إيقاع المسبب، وذلك بعد تحقق شروط السبب وانتفاء موانعه، فعلى الأحكام الوضعية تتوقف الأحكام التكليفية، لا أَنَّ الأحكام الوضعية مأمور بها من حيث هي، فكأَنَّه قيل مثلًا: إذا وجد القتل العمد وتحققت شروطه وجب القصاص، وإذا وجدت الولادة المانعة منه بين طالب القصاص والقاتل أَوْ انتفت شروطه أَوْ شيء منها انتفى القصاص.
ولذلك كثيرًا ما يطلق الحكم الشرعي مرادًا به الحكم التكليفي؛ لأَنَّه هو الأصل، وهو المراد بالتكليف، وأَمّا الوضعي فهو معرف له ومؤثر فيه (١).
(١) شرح تنقيح الفصول ٧٨، ٧٩، شرح مختصر الروضة ١/ ٤١١ - ٤١٦، ٤٣٨ - ٤٤٠، شرح الكوكب المنير ١/ ٣٤٣، ٤٣٥، معالم أصول الفقه ٣٢١، ٣٦٢، ٣٦٣، السبب عند الأصوليين ١/ ٩٥.