للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محال، وماذا بعد الحق إلَّا الضلال؟ وما أقرب هذا المسلك من عقد من يتخذ سنن الأكاسرة والملوك المنقرضين عمدةَ الدين، ومن تشبث بهذا فقد انسلَّ عن ربقة الدين انسلال الشعرة من العجين" (١).

والمصلحة المرسلة دليل من أدلة شرعية الحكم، فالشرع يقرر الاعتداد بكل مصلحة مرسلة لم يشهد لها دليل جزئي خاص من كتاب أَوْ سنة أَوْ إجماع أَوْ غيرها بإعمال ولا إلغاء، بل شهدت لها عموم مقاصد الشريعة، ولم يعارضها ما هو أقوى منها من الأدلة من كتاب، أَوْ سنة، أَوْ إجماع، أَوْ قياس، ولم تُفَوِّت ما هو أقوى منها من المصالح، وهذا حكم كلي مجرد يُخَرَّج عليه ما لا حصر له من الصور والوقائع.

لكن معرفة وقوع المصالح في فروع وجزئيات الواقعات مما قد لا ينفرد به الفقيه، بل قد يحتاج إلى أهل الخبرة والاختصاص في المحل الذي يحقق مناط مصلحته؛ لأَنَّ أهل الخبرة يُبينون للفقيه دليل وقوع الحكم (٢)، فكون المصلحة المرسلة معتدًّا بها مما لا يعلم إلَّا بالشرع، وأَمَّا كون الشيء الفلاني مصلحة، فهذا مما قد يحتاج فيه مع الفقه إلى الخبرة، فالفقيه محتاج للحكم عليه إلى معرفة رأي أهل الخبرة والاختصاص فيه (٣)، مثل: معرفة بيع المغيبات في الأرض من


(١) الغياثي ٢٢٠ - ٢٢٢.
(٢) انظر في أدلة وقوع الأحكام وأدلة شرعيتها والفرق بينهما ما سبق في المطلبين: الأول، والثاني، من الفصل الثالث من الباب الأول.
(٣) مجموع الفتاوى ٢٩/ ٤٢٩، إعلام الموقعين ٢/ ٥، بدائع الفوائد ٤/ ١٢، ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>