للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا ما ذكره أَصحَاب القول الثاني من اختصاص الأخذ بالمرجوح بالمفتي في خَاصَّة نفسه فغير مسلم؛ لأَنَّ القاضي والمفتي الذي عنده أهلية تقدير الضرورات والحاجات الدافعة إلى العدول عن القول المشهور إلى غيره يستطيع تحقق الضرورة والحاجة أكثر من العَامِّيّ الذي لا يدرك مبناها الشرعي ومسوغات الأخذ بها، فساغ للمفتي والقاضي العمل بغير المشهور عند الاقتضاء بشروطه آنفة الذكر، سواء في خَاصَّة نفسه في الإِفتاء أَمْ لغيره في الحكم والفتوى.

وعلى هذا فإنَّ الأخذ بالقول المرجوح يُعَدُّ استثناءً وعدولًا عن القول الآخر لا يصار إليه إلَّا إذا كان ثَمَّ ضرورة أَوْ حاجة، فهو عندي استحسان فقهي يحصل به العدول من قول لآخر لمقتضٍ شرعي في القضاء والفتيا.

تنبيه: في عدم اشتراط الاجتهاد في الفتيا والقضاء بالقول المرجوح:

يرى بعض الحنفية (١)، والشاطبي من المالكية (٢) أَنَّ مراعاة القول الضعيف والعمل به في الفتيا والقضاء إنَّما يكون للمجتهد من الفقهاء دون المقلد؛ لأَنَّ فيه مراعاة دليل المخالف، ولا يكون ذلك إلَّا من مجتهد لا مقلد، ولأَنَّ التهمة تلحقه بالقصد غير الجميل (٣).


(١) حاشية ابن عابدين ٤/ ٣٣٥.
(٢) فتاوى الإِمام الشاطبي ١١٩.
(٣) حاشية ابن عابدين ٤/ ٣٣٥، فتاوى الشاطبي ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>