يقول القرافي (ت: ٦٨٤ هـ): "إنَّ إجراء الأحكام التي مدركها العوائد مع تغير تلك العوائد خلافُ الإِجماع، وجهالةٌ في الدين، بل كل ما هو في الشريعة يتبع العوائد يتغير الحكم فيه عند تغيير العادة إلى ما تقتضيه العادة المتجددة، وليس تجديدًا للاجتهاد من المقلدين"(١).
والمراد أنّه يستنبط من الأحكام، ويقرر ما يواجه الوقائع والأعراف المتغيرة والمتجددة، أَمَّا ما مضى منها فعلى حكمها قبل تغيرها، وقد وقع موقعه فيها؛ يقول القرافي - أيضًا -: "الأحكام المترتبة على العوائد تدور معها كيفما دارت، وتبطل معها إذا بطلت، كالنقود في المعاملات، والعيوب في الأعراض في البياعات، ونحو ذلك ... وكذلك إذا كان الشيء عيبًا في الثياب في عادة رَدَدْنَا به المبيع، فإذا تغيرت العادة وصار ذلك المكروه محبوبًا موجبًا لزيادة الثمن لم تُرَدَّ به.
وبهذا القانون نعتبر جميع الأحكام المترتبة على العوائد، وهو تحقيق مجمع عليه بين العلماء لا خلاف فيه ... وعلى هذا القانون تراعى الفتاوى على طول الأيام مهما تجدد في العرف فاعتبره، ومهما سقط فأسقطه، ولا تَجْمُدْ على المسطور في الكتب طول عمرك، بل
(١) الإِحكام ١١١ (ط: المكتب الثقافي في القاهرة وقارن ذلك بطبعة مكتب المطبوعات الإِسلامية حلب من سوريا ٢٣١ - ٢٣٢ تحقيق عبد الفتاح أبو غدة)، وفي المعنى نفسه انظر: الفروق ١/ ٤٤ - ٤٦.