نصيبهم، أَوْ عَدِمَ معرفةَ مدارك الأحكام وعِلَلَها، حيث ظنوا أَنَّ معنى ذلك بحسب ما يلائم إرادتهم الشهوانية البهيمية، وأغراضهم الدنيوية، وتصوراتهم الخاطئة الوبية؛ ولهذا تجدهم يخافون عليها، ويجعلون النُّصُوص تابعة لها منقادة إليها مهما أمكنهم، فيحرفون لذلك الكلم عن مواضعه، وحينئذ معنى تغير الفتوى بتغير الأقوال والأزمان، مراد العلماء منه ما كان مستصحبة فيه الأحوال الشرعية، والعلل المرعية، والمصالح التي جنسها مراد الله - تعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم -" (١).
وسرُّ المسألة: أَنَّ العرف، والمصلحة المؤقتة، ونحوها إنَّما هي مناطات الأحكام، فإذا تغير المناط المبني عليه الحكم السابق وجب استئناف النظر في حكم الواقعة المتغير مناطها.
فالأحكام الكلية الفقهية قارَّة لا تتغير، والمتغير هو مناط الواقعة، والمجتهد انتقل في الحكم عليها من أصل إلى آخر، والحكم السابق باقٍ للمسألة الأولى على مناطها السابق من أوصافها وأوضاعها الأولى لم ينسخ ولم يغير، والواقعة التي تغير مناطها تُوَاجَه باجتهاد جديد، ويقرر لها حكم مستأنف مبني على الاجتهاد الجديد.