للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على فهم الآية، فإنَّ العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب، ولهذا كان أَصَحُّ قولي الفقهاء أَنَّه إذا لم يعرف ما نواه الحالف رجع إلى سبب يمينه وما هيجها وأثارها" (١).

مثال ذلك: قوله- تعالى-: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨٨)} [آل عمران: ١٨٨].

فقد أشكل على مروان بن الحكم ابن أبي العاص (ت: ٦٥ هـ) معنى هذه الآية حتى بَيَّن له ابن عباس معناها مقرونًا بسبب نزولها.

فعن ابن أبي مليكة أَنَّ علقمة ابن أبي وقاص أخبره أَنَّ مروان قال لبوابه: اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أَنْ يحمد بما لم يعمل معذبًا لنعذبن أجمعون، فقال ابن عباس: ما لكم ولهذه؟ إنَّما دعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يهودَ، فسألهم عن شيء، فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه عنه فيما سألهم، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم، ثم قرأ ابن عباس: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} كذلك حتى قوله: {يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آل عمران: ١٨٨، ١٨٧] (٢).


(١) مقدمة في أصول التفسير ٤٧.
(٢) متفق عليه، فقد رواه البخاري (الفتح ٨/ ٢٣٣)، وهو برقم ٤٥٦٨، ومسلم ٤/ ٢١٤٣، وهو برقم ٨/ ٢٧٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>