للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم عند التنازع، ومتى أخطأ في واحد من هذه الثلاثة أخطأ في الحكم، وجميع خطأ الحُكَّام مداره على الخطأ فيها أَوْ بعضها.

مثال ذلك: إذا تنازع عنده اثنان في رد سلعة مشتراة بعيب، فحكمه موقوف على العلم بالدليل الشرعي الذي يسلط المشتري على الرد (١)، وهو إجماع الأمة المستند إلى حديث المصراة (٢) وغيره، وعلى العلم بالسبب المثبت بحكم الشارع في هذا البيع المعين (٣)، وهو كون هذا الوصف عيبًا يسلط الرد أَمْ ليس بعيب، وهذا لا يَتَوَقَّفُ العلم به على الشرع، بل على الحسّ، أَوْ العادة، أَوْ الخبر، ونحو ذلك، وعلى البينة التي هي طريق الحكم بين المتنازعين ... " (٤).

وبهذا يتبين بأَنَّ الواقعة القضائية هي التي تحرك الحكم الكلي من عمومه وتجريده لِيَنْزِل على الوقائع فيشخصها، وتدب فيه الحركة بعد السكون؛ ذلك أَنَّ القاضي إنَّما يحكم ويلزم في الوقائع المعينة، يقول ابن تَيْمِيَّة (ت: ٧٢٨ هـ): "وحكام المسلمين


(١) والمراد به: الحكم الكلي الفقهي.
(٢) حديث المصراة: عن أبي هريرة -رَضِيَ الله عَنْهُ- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من اشترى شاة مصراة فلينقلب بها فليحلبها، فإن رضي حلابها أمسكها، وإلا ردها ومعها صاع من تمر". متفق عليه واللفظ لمسلم، فقد رواه البخاري (الفتح ٤/ ٣٦١، ٣٦٨)، وهو برقم ٢١٤٨، ٢١٥١، ومسلم ٣/ ١١٥٨، وهو برقم ١٥٢٤.
(٣) المراد به: أدلة مُعَرِّفَات الحُكْم، وهي المعروفة بأدلة وقوع الأحكام.
(٤) بدائع الفوائد ٤/ ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>