للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يغني ما أجراه القاضي في التنقيح الابتدائي؛ لأنَّ التنقيح الابتدائي كان مبنيًا على كلام الخصمين، فهو أشبه بالفتيا في عدم لزومها.

أَمَّا في التنقيح النهائي هنا فيراعى فيه ما يثبت من كلام الخصمين بطرق الحكم، وما استنبطه القاضي منها من الأوصاف المؤثرة، وطلبات الخصوم، مع مراعاة أصول التَّوْصِيف التي سوف يأتي ذكرها لاحقًا (١) - إن شاء الله-.

على القاضي وهو ينظر في تنقيح الوقائع لإعمال مؤثرها وإلغاء طرديها أَنْ يتدرج في ذلك، فينظر في جميع الوقائع المقدمة من الطرفين، ثم بعد مقابلتها بالحكم الكلي الفقهي يجري تنقيحها باستبعاد طرديها، وإبقاء مؤثرها.

ثم يجمع هذه الأوصاف المنقحة المؤثرة التي يتعلق بها الحكم ويرتبها حتى تصبح متآلفة متكاملة وكأَنَّها أوصاف جاءت مجتمعة فورًا واحدًا، مهذبة مرتبة، لم يُذكر معها سواها مما يتعلق بالحكم ويؤثر فيه، وهنا تكون الواقعة مُهَيَّئَةً للتَّوْصِيف بتحقيق مناط الحكم عليها، أي بتنزيل الحكم الكلي عليها.

إنَّ سلوك القاضي هذا الطريق مما يعينه على استيعاب الأوصاف المؤثرة للواقعة، وعلى تَوْصِيفها تَوْصيفًا صحِيحًا ملاقيًا


(١) انظرها في: المبحث الأول من الفصل الأول من الباب الثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>