أقوال الخصوم أَمْ من بيناتهم، وذلك لتقرير وجودها الحسي، تهيئة لها للتَّوْصِيف.
فهو عمل يقوم به القاضي مكمل للإثبات، الغرض منه إثبات الوجود الحسي للواقعة بحيث تكون مهيئة للتَّوْصِيف، وهو عمل يستدعي من القاضي فهم الوقائع، ومن ثَمَّ استنباط حقيقة ما يقع من الأدلة والعلامات، فهو عمل يستدل فيه القاضي بالأمارات والعلامات على ثبوت الوقائع المؤثرة أَوْ شيء منها مما يقدمه الخصوم، وما يصدر عنهم من دعوى، وإجابة، ودفوع، وبينات، وذلك بواسطة طرق الاستدلال من الألفاظ، والتراكيب، والأفعال، والسكوت.
فيجمع القاضي في ذلك إعمال اللفظ، أَوْ الفعل، أَوْ السكوت، ومراعاة العلامات والدلالات، يقول ابن القَيَّمِ (ت: ٧٥١ هـ): "ومعلوم أَنَّ ذلك -يعني الاستنباط- قدر زائد على مجرد فهم اللفظ؛ فإنَّ ذلك ليس طريقه الاستنباط؛ إذ موضوعات الألفاظ لا تنال بالاستنباط، وإنَّما تنال به العلل والمعاني، والأشباه والنظائر، ومقاصد المتكلم، والله -سبحانه- ذم من سمع ظاهرًا مجردًا فاذاعه وأفشاه، وحمد من استنبط من أولي العلم حقيقة معناه ... ومعلوم أنَّ هذا الفهم قدر زائد على معرفة موضوع اللفظ، وعمومه أَوْ خصوصه، فإنَّ هذا قدر مشترك بين سائر من يعرف لغة العرب، وإنَّما هذا