للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الألفاظ والتراكيب، وإذا صَحَّ ذلك في الشهادة قبولًا وردًا صَحَّ في غيره من الوقائع القضائية التي تحتاج إلى استدلال واستنباط.

يقول ابن العربي (ت: ٥٤٣ هـ): ، "قوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} دليل على تفويض القبول في الشهادة إلى الحاكم؛ لأنَّ الرضا معنىً يكون في النفس بما يظهر إليها من الأمارات عليه، ويقوم من الدلائل المبينة له، ولا يكون غير هذا، فإنَّا لو جعلناه لغيره لما وُصِلَ إليه إلَّا بالاجتهاد، واجتهاده أولى من اجتهاد غيره ... قال علماؤنا: هذا دليل على جواز الاجتهاد والاستدلال بالأمارات والعلامات على ما خفي من المعاني والأحكام" (١).

٢ - عن أبي هريرة -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "بينما امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت هذه لصاحبتها: إنَّما ذهب بابنك أنتِ، وقالت الأخرى: إنَّما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلى داود، فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود -عليه ما السلام - فأخبرتاه، فقال ائتوني بالسكين أشقه بينكما، فقالت الصغرى: لا تفعل- يرحمك الله- هو ابنها، فقضى به للصغرى" (٢).

فقد استنبط سليمان -عليه السلام - من شفقة الصغرى،


(١) أحكام القرآن ١/ ٣٣٦.
(٢) متفق عليه واللفظ لمسلم، وقد سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>