للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يؤخذ بباطن الأمر الذي يدَّعيه المدعي ويهدر لفظ التعاقد لأنَّهما لم يريدا معناه متى ثبت ذلك بقرينة قوية دالة على ذلك، كبيع التلجئة الذي يظهره المتعاقدان خشية ظالم من مغتصب ونحوه، فيهدر اللفظ ببطلان العقد، ويؤخذ بباطن الأمر وحقيقته، وهكذا في بيع الهازل (١)؛ فاللفظ قد يكون صريحًا في دلالته على أمر، لكن ينضم إليه قرائن تصرفه عن موضوعه وحقيقته إلى معنى مخالف للفظ (٢).

ومما يدخل في الاعتداد بالحقيقة والمعنى عند ظهوره في تفسير اللفظ والمبنى: الدعوى والطلباتُ فيها.

فإنَّه يعتدُّ بالمعاني التي تظهر من تقرير الخصوم لدعواهم وطلباتهم ولا يعتد بالفاظهم ومباني كلامهم مجردة إذا ظهر ما يصرفها، فمن ادعى بشيء وشرحه في دعواه بما يخالف لفظه أَعْمَلْنا شرحه وفسرنا به لفظه.

ولقد صرح الشافعية في أَصَحّ القولين عندهم أنَّ من ادعى قتل عمد ووصفه بغيره من خطأ وشبه عمد لم يبطل أصل الدعوى، ويعتمد وصفه وتفسيره، ويلغى لفظه، ويمضي القاضي في الدعوى دون تجديدها؛ لأنَّ الخصم قد يظن ما ليس بعمد عمدًا، ولأنَّ العبرة


(١) الكشاف ٣/ ١٤٩، شرح المنتهى ٢/ ١٤٠.
(٢) أشباه السيوطي ٢٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>