للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان المتكلم لا يمكنه الرجوع فيه، كالإقرار بعد الإقرار، والعقد بعد العقد- فلا يكون الثاني من الإقرار أَوْ العقد رجوعًا، ولا مخصصًا للأول ما لم تَدُلَّ قرينة على خلاف ذلك (١)، كأن لا يمكن الجمع بين العقد بعد العقد بوجه سائغ فيحمل على أنَّ العقد الثاني ناسخ للأول محمول على الإقالة منه (٢).

أَمَّا إذا كان الرجوع ممكنًا كالوصية فيُقدم الخاص على العام مطلقًا عُلِمَ التاريخُ أَوْ جُهِلَ، وهذا أشهر الروايات عند الحنابلة (٣)، وذلك كمن أوصي بثلث ماله للفقراء، ثم في مجلس آخر قال: ثلث مالي لفقراء بني فلان، فيقدم الخاص على العام، ويكون ثلث ماله للفقراء الذين عيَّنهم.

لكن لو أوصى الموصي بعدة وصايا لا مخصص لبعضها، ولم يَفِ الثلثُ بها، ولم يُجِزْها الورثة- أُدْخِل النقص على الجميع محاصة، وذلك كمن أوصى بثلث ماله لرجل، ولآخر بمائة ألف ريال، ولعمارة مسجد بعشرين ألف ريال (٤) فلا يكون الأخير ناسخًا للأول؛ لأنَّ وقت لزوم الوصية الموت، فاستوى ما قبله فيها.


(١) القواعد لابن رجب ٢٦٩، ٢٧٢.
(٢) انظر ما يأتي في الفقرة (٧) من المطلب الثاني من المبحث السابع من هذا الفصل (الثالث) من الباب الثاني.
(٣) المرجع السابق ص ٢٨٥ من هذا الجزء.
(٤) شرح المنتهى ٢/ ٥٤١، الروض المربع ٦/ ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>