للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهل الداء لم يعرف الدواء فالتَّوْصِيف هو الطريق إلى الحل الصَّحِيح والحكم السليم الذي إذا أعرض عنه القاضي والمفتي أَوْ لم يهتد إليه كان حكمه حدسًا وتخمينًا.

يقول الجويني (ت: ٤٧٨ هـ): "وليس في عالم الله أخزى من مُتَصَدٍّ للحكم لو أراد أَنْ يصف ما حكم به لم يستطعه" (١).

فالقاضي إذا هجم على الحكم دون تَوْصِيف للواقعة فإنَّه لا يدري إصابته من خطئه، وصار كالذي يخبط خبط عشواء في الظلام، إصابته حَدْسٌ وخطؤه عدوانٌ وظلمٌ، وهو آثم في الحالين حال موافقته للصواب أَوْ مخالفته له؛ لأَنَّه أصاب من حيث لا يدري إصابته الحق (٢)، يقول ابن تَيْمِيَّة (ت: ٧٢٨ هـ): "من حكم بين الناس على جهل فهو في النار وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر" (٣).

٣ - أَنَّ التَّوْصِيف كالميزان يُعرف به صَحِيح الأحكام من فاسدها، فبالتَّوْصِيف يستطيع القاضي أَنْ ينقح الوقائع المدعاة،


(١) الغياثي ٣٠١.
(٢) موجبات الأحكام ٧٠، الأشباه والنظائر لابن نجيم ١٠٨، معين الحكام لابن عبد الرفيع ٢/ ٦٣٨، الأشباه والنظائر لابن السبكي ١/ ٢٠٧، الغياثي ٣٠١، شرح عماد الرضا ١/ ٣٣٦، مغني ذوي الأفهام ٢٣٣، الكشاف ٦/ ٣٢٧، قواعد ابن رجب ١٢٢، الإِتقان لمياره ١/ ١٥، فصول في الفكر الإِسلامي في المغرب ١٩٦، تخريج الفروع على الأصول لشوشان ١/ ٨٦.
(٣) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>