أَمَّا التَّوْصِيف المتفق: فإنَّ الوقائع مُتَعَدِّدة؛ وكل واقعة لها تَوْصِيف مستقل، وقد أوردها المدعي في دعوى واحدة، وأثرها واحد لا يَتَعَدَّدُ، وكلها تتفق مع طلبه في الدعوى، وحكمها واحد، وأي واقعة منها تثبت وتوصف تغني عن الأخرى، وإذا اجتمعت أمكن بناء الحكم عليها معًا، ولا يعارض بعضها بعضًا، فمن ادعى بمهر على ولي امرأة تزوجها وطلقها بأَنَّه غَرَّه بعيب فيها، وكان قد مكث معها، وواقعها بعد علمه بعيبها - فلا يستحق عليه شيئًا من ذلك؛ لأَنَّه طلقها، والمطالبة بالفسخ للعيب تكون قبل الطلاق لا بعده، ولأَنَّه واقعها بعد علمه بعيبها، وهذا يسقط خياره الموجب لرد المهر.
أَمَّا التَّوْصِيف المضاد: فإنَّ الواقعة المدعاة ذات تَوْصِيف واحد، ولكن عارضها تَوْصِيف دفع المدعى عليه بما يسقط الدعوى، فانتهت الواقعة إلى الأخذ بتَوْصِيف واحد هو تَوْصِيف الدفع المسقط للدعوى، فمن ادعى بثمن مبيع، ودفع المدعي بالإِقالة وثبتت فإنَّه يؤخذ بها، فقد كان للدعوى تَوْصِيف وللدفع تَوْصِيف، ولكن التَّوْصِيف الذي أنتج أثره في الحكم القضائي هو التَّوْصِيف بالإِقالة.