للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صار العلاج ناجعًا؛ لأن من عرف الداء سهل عليه معرفة الدواء (١).

وهكذا العمل القضائي في تَوْصِيف الوقائع يمرُّ بمراحل، واحدةً بعد الأخرى حتى الحكم في القضية، وقد أشار ابن خلدون (ت: ٨٠٨ هـ) إلى مراحل تَوْصِيف الواقعة القضائية، فهو يقول: "يتأنى- يعني القاضي - على المدعي حتى يذكر ما عنده كله، ويتفهمه حتى يعلم قطعًا مراده ... ثم يسأل المدعى عليه رافقًا به متأنيًا عليه حتى يذكر جميع ما عنده، ويتفهمه جهدَه، ثم يستجلي الحال منهما ومن العالم بواقعتهما بأحسن استجلاء، وبأشد إيضاح ... إذا تصور الواقعة، كالشمس ليس دونها سحاب، فليميز بين ما اتفقا عليها وما اختلفا فيه، فإذا وضحت القصة جيدًا ... فليستحضر حكم تلك الواقعة لا برأي واستحسان ... بل بالنقل الصريح، أَوْ بذل الجهد في درك الحق من أهل الاجتهاد وبطرقه المعتبرة ... ثم ينقح الواقعة، بأخذ ما يتعين اعتباره وإلغاء ما لا مدخل له في الحكم بحذف، ثم يطبق الحكم العدل على ما ينقح له، فإذا وضح أَنَّه طبقه سواء كرر النظر والتأمل والتفحص حتى يتبين ذلك كالشمس المضيئة ... فإذا لم تبق مرية البتة ... حكم وألزم" (٢).

فتَوْصِيف الواقعة القضائية يمرّ بست مراحل، هي:

١ - سماع الوقائع وتحديد الطلبات.


(١) التداوي والمسؤولية الطبية للمبارك ٥١ - ٨٧.
(٢) مزيل الملام ١١١ - ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>