وتأمّل ما قدمه الخصوم من دعوى، وإجابة، ودفوع، وطلبات، وبينات، وأَنْ يتامل ذلك ويفهمه جيدًا، ويستخلص من الوقائع من دعوى، وإجابة، ودفوع، ومن البينات، وطرق الحكم - ثبوتَ الوقائع المؤثرة في الحكم، وينقحها، ويهيئها للتَوْصِيف النهائي مهذبة مرتبة كأَنَّه لم يذكر معها سواها مستعينًا في ذلك بتحديد الحكم الكلي الفقهي، وطرق تفسير الوقائع والأحكام الكلية، وأصول التَّوْصِيف، مراعيًا الطلبات في الدعوى وانعدام الموانع، حتى إذا تنقحت له الواقعة وهيأها للتَوْصِيف وحدد حكمها الكلي الفقهي أجرى المطابقة بينهما بواسطة القياس القضائي، فإذا تحقق عنده اجتماع الوقائع مع الحكم الكلي الفقهي في حدهما الأوسط - وهي الأوصاف المشتركة المؤثرة في الحكم - قَرَّرَ مطابقة الوقائع القضائية للحكم الكلي الفقهي، وهي النتيجة المطلوبة، فيقرر مثلًا أن هذه الواقعة جعالة، أَوْ قتل عمد، أَوْ خيار عيب، ونحو ذلك.
إِنَّ مناط التَّوْصِيف الابتدائي هو الدعوى، والإِجابة، وطلبات الخصوم، أَمَّا في التَّوْصِيف النهائي فمناط التَّوْصِيف فيه: ما يثبت لدى القاضي من الوقائع والأوصاف المؤثرة، وما يستنبطه من الدعوى والإجابة ودفوع الخصمين وبيناتهم مراعٍ فيه طلبات الخصوم وأصول التَّوْصِيف على ضوء ما يتقرر له من الحكم الكلي الفقهي.