للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد تحقق انطباق أوصاف الحكم الكلي الفقهي المقرر على الواقعة المنظورة باشتراكهما في الأوصاف أَلْزَم عليٌّ - رضي الله عنه - عواقل الذين حضروا رأس البئر لورثة المتوفين بالديات حسب التفصل المارّ ذكره.

وبيان مأخذ ذلك ووجهه من هذه الواقعة: ما ذكره ابن العربي (ت: ٥٤٣ هـ)، فقد قال: "فأَمَّا قصةُ عليٍّ فلا يدركها الشادي (١)، ولا يلحقها بعد التمرن في الأحكام إلَّا العاكف المتمادي.

وتحقيقها: أن هؤلاء الأربعة مقتولون خطأً بالتدافع على الحفرة من الحاضرين عليها، فلهم الديات على من حضر (٢) على وجه الخطأ، بيد أَنَّ الأول مقتولٌ بالمدافعة قاتلٌ ثلاثةً بالمجاذبة، فله الدية بما قُتِل وعليه ثلاثة أرباع الدية للثلاثة الذين قَتَلَهم، أَمَّا الثاني فله ثلث الدية وعليه الثلثان للاثنين اللذين قتلهما بالمجاذبة، وأَمَّا الثالث فله نِصْف الدية وعليه النِّصْف؛ لأَنَّه قتل واحدًا بالمجاذبة، فوقعت المُحَاصَّة، وغَرِمَتْ العواقلُ هذا التقدير بعد القصاص الجاري فيه (٣)، وهذا من بديع الاستنباط" (٤).


(١) الشادي: من حصَّل طرفًا من العلم [المصباح المنير ١/ ٣٠٧، الوسيط لمجمع اللغة ١/ ٤٧٦].
(٢) في الأصل "حفر"، والتصويب يؤيده نَصُّ الخبر آنف الذكر.
(٣) يعني بعد إجراء المقاصة بسقوط دية من شارك بقدر مشاركته.
(٤) أحكام القرآن ٤/ ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>