وقال التاريخي: سمعت إبراهيم الحربيّ يقول:- وقد تكلم الناس في الاسم والمسمى- بلغني أن أبا العبّاس أحمد بن يحيى النّحويّ قد كره الكلام في الاسم والمسمى، وقد كرهت لكم ما كره أحمد بن يحيى، ورضيت لكم ولنفسي ما رضى أحمد بن يحيى.
وقال التاريخي: سمعت أبا العبّاس محمّد بن يزيد المبرد يقول: أعلم الكوفيين ثعلب. فذكر له الفراء، فقال: لا يعشره.
قال التاريخي: وكان أبو الصّقر إسماعيل بن بلبل الشّيبانيّ قد ذكر أبا العبّاس ثعلبا للناصر لدين الله الموفق بالله، وأخرج له رزقا سنيا سلطانيا، فحسن موضع ذلك من أهل العلم والأدب، وقال قائلهم لأبي الصّقر وأبي العبّاس- في أبيات ذكرها:
فيا جبلي شيبان لا زلتما لها … حليفي فخار في الورى وتفضّل
فهذا ليوم الجود والسّيف والقنا … وأنت لبسط العلم غير مبخّل
عليك أبا العبّاس كلّ معوّل … لأنّك بعد الله خير معوّل
فككت حدود النّحو بعد انغلاقه … وأوضحته شرحا وتبيان مشكل
فكم ساكن في ظلّ نعمتك الّتي … على الدّهر أبقى من ثبير ويذبل
فأصبحت للإخوان بالعلم باعثا … وأخصبت منه منزلا بعد منزل
قال: وقال بعض أصحابه- يعني أصحاب أبي العبّاس- يرثيه:
مات ابن يحيى فماتت دولة الأدب … ومات أحمد أنحى العجم والعرب
فإن تولى أبو العبّاس مفتقدا … فلم يمت ذكره في النّاس والكتب
أخبرني أحمد بن محمّد بن أحمد بن يعقوب الكاتب، حدثني جدي محمّد بن عبيد الله بن قفرجل، حدّثنا محمّد بن يحيى قال: كنا يوما عند أبي العبّاس أحمد بن يحيى فضجر، فقال له شيخ خضيب من الظاهرية: لو علمت مالك من الأجر في إفادة الناس العلم لصبرت على أذاهم، فقال: لولا ذاك ما تعذبت، ثم أنشد بعقب هذا:
يعابثن بالقضبان كلّ مفلّج … به الظّلم لم تفلل لهنّ غروب
رضابا كطعم الشّهد يحلو متونه … من الصّرو أو غصن الأراك قضيب
أولئك لولاهنّ ما سقت نضوة … لحاج وما استقبلت برد جنوب