مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير وابنه عبد الله بن مصعب يوما حين انصرف من صلاة الغداة وهو يريد الركوب إلى ماله بالغابة، فقال: اسمع منى شعرا، قال: ليست هذه ساعة ذلك، أهذه ساعة شعر؟! قال: أسألك بقرابتك من رسول الله ﷺ إلا سمعته، قال: فأنشده لنفسه:
يا ابن بنت النبي وابن علي … أنت أنت المجير من ذا الزمان
من زمان ألح ليس بناج … منه من لم يجرهم الخافقان
من ديون حفزننا معضلات … من يد الشّيخ من بنى ثوبان
في صكاك مكتبات علينا … بمئين إذا عددن ثمان
بأبى أنت إن أخذن وأمى … ضاق عيش النسوان والصبيان
قال فأرسل إلى ابن ثوبان فسأله فقال: على الشّيخ سبعمائة وعلى ابنه مائة، فقضى عنهما وأعطاهما مائتي دينار سوى ذلك.
أخبرنا أبو القاسم الأزهرى حدّثنا الحسين بن محمّد بن سليمان الكاتب حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباري حدّثني أبي حدّثنا أبو عكرمة الضبي قال: قال سليمان بن أبي شيخ قال راوية ابن هرمة: بعث إلى ابن هرمة في وقت الهاجرة: صر إلي فصرت إليه. فقال: اكثر حمارين إلى أربعة أميال من المدينة، أين شئنا، فقلت: هذا وقت الهاجرة، وأرض المدينة سبخة، فأمهل حتى تبرد، فقال لا، لأن لابن جبر الحناط على مائة دينار. قد منعتني القائلة وضيقت علي عيالي، فاكتريت حمارين، فركبنا فمضيت معه حتى انتهينا إلى الحمراء قصر الحسن بن زيد، فصادفناه يصلى العصر، فأقبل على ابن هرمة فقال: ما جاء بك في هذا الوقت والحر شديد؟ فقال: لابن جبر الحناط على مائة دينار قد منعتني القائلة، وضيقت على عيالي، وقد قلت شعرا فاسمعه. فقال:
قل! فأنشأ يقول:
أما بنو هاشم حولي فقد رفضوا … نبلي الصياب التي جمعت في قرن
فما بيثرب منهم من أعاتبه … إلا عوائد أرجوهن من حسن
الله أعطاك فضلا من عطيته … على هن وهن فيما مضى وهن (١)
فقال: يا غلام افتح باب تمرنا فبع منه بمائة دينار، وأحضر ابن جبر الحناط وليكن معه ذكر دينه وماله على ابن هرمة، فحضر فأخذ منه ذكر دينه فدفعه إلى ابن هرمة،