أنبأنا إبراهيم بن مخلد، أنبأنا إسماعيل بن عليّ الخطبي- في تاريخه- قال: وظهر أمر رجل يعرف بالحلاج يقال له: الحسين بن منصور، وكان في حبس السلطان بسعاية وقعت به في وزارة عليّ بن عيسى الأولى، وذكر عنه ضروب من الزندقة، ووضع الحيل على تضليل الناس من جهات تشبه الشعوذة والسحر، وادعاء النبوّة، فكشفه عليّ بن عيسى عند قبضه عليه، وأنهى خبره إلى السلطان- يعني المقتدر بالله- فلم يقر بما رمى به من ذلك، وعاقبه وصلبه حيّا أياما متوالية في رحبة الجسر في كل يوم غدوة، وينادي عليه بما ذكر عنه، ثم ينزل به ثم يحبس، فأقام في الحبس سنين كثيرة، ينقل من حبس إلى حبس حتى حبس بأخرة في دار السلطان فاستغوى جماعة من غلمان السلطان وموه عليهم واستمالهم بضروب من حيله حتى صاروا يحمونه، ويدفعون عنه، ويرفهونه، ثم راسل جماعة من الكتاب وغيرهم ببغداد وغيرها، فاستجابوا له، وتراقى به الأمر حتى ذكر أنه ادعى الربوبية، وسعى بجماعة من أصحابه إلى السلطان فقبض عليهم ووجد عند بعضهم كتبا له تدل على تصديق ما ذكر عنه، وأقربعضهم بلسانه بذلك، وانتشر خبره، وتكلم الناس في قتله، فأمر أمير المؤمنين بتسليمه إلى حامد بن العبّاس، وأمر أن يكشفه بحضرة القضاة، ويجمع بينه وبين أصحابه، فجرى في ذلك خطوب طوال ثم استيقن السلطان أمره، ووقف على ما ذكر له عنه، فأمر بقتله وإحراقه بالنار. فأحضر مجلس الشرطة بالجانب الغربي يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثمائة، فضرب بالسياط نحوا من ألف سوط، وقطعت يداه ورجلاه، وضربت عنقه، وحرقت جثته بالنار، ونصب رأسه للناس على سور السجن الجديد، وعلقت يداه ورجلاه إلى جانب رأسه.
حدّثني محمّد بن أبي الحسن الساحلي عن أبي العبّاس أحمد بن محمّد النسوي قال: سمعت محمّد بن الحسين الحافظ يقول: سمعت إبراهيم بن محمّد الواعظ يقول: قال أبو القاسم الرّازيّ: قال أبو بكر بن حمشاذ: حضر عندنا بالدينور رجل ومعه مخلاة فما كان يفارقها بالليل ولا بالنهار، ففتشوا المخلاة فوجدوا فيها كتابا للحلاج عنوانه: من الرّحمن الرّحيم إلى فلان بن فلان، فوجه إلى بغداد قال: فأحضر وعرض عليه فقال: هذا خطي وأنا كتبته، فقالوا: كنت تدعي النبوة فصرت تدعي الربوبية؟ فقال: ما أدعي الربوبية ولكن هذا عين الجمع عندنا، هل الكاتب إلّا الله، وأنا واليد فيه آلة. فقيل: هل معك أحد؟ فقال: نعم، ابن عطاء، وأبو محمّد الحريريّ، وأبو بكر الشبلي. وأبو محمّد الحريريّ يستتر، والشبلي يستتر، فإن كان