سمعت أبا يعقوب النهرجوري يقول: دخل الحسين بن منصور مكة ومعه أربعمائة رجل، فأخذ كل شيخ من شيوخ الصّوفيّة جماعة، قال: وكان في سفرته الأولى كنت آمر من يخدمه. قال: ففي هذه الكرة أمرت المشايخ وتشفعت إليهم ليحملوا عنه الجمع العظيم، قال: فلما كان وقت المغرب جئت إليه وقلت له: قد أمسينا فقم بنا حتى نفطر، فقال: نأكل على أبي قبيس، فأخذنا ما أردنا من الطعام وصعدنا إلى أبي قبيس، وقعدنا للأكل، فلما فرغنا من الأكل قال الحسين بن منصور: لم نأكل شيئا حلوا. فقلت: أليس قد أكلنا التمر؟ فقال: أريد شيئا قد مسته النار، فقام وأخذ ركوته وغاب عنا ساعة ثم رجع ومعه جام حلواء فوضعه بين أيدينا وقال: بسم الله، فأخذ القوم يأكلون وأنا أقول مع نفسي قد أخذ في الصنعة التي نسبها إليه عمرو بن عثمان. قال: فأخذت منه قطعة ونزلت الوادي، ودرت على الحلاويين أريهم ذلك الحلواء وأسألهم هل يعرفون من يتخذ هذا بمكة؟ فما عرفوه حتى حمل إلى جارية طباخة فعرفته، وقالت: لا يعمل هذا إلا بزبيد، فذهبت إلى حاج زبيد- وكان لي فيه صديق- وأريته الحلواء فعرفه وقال: يعمل هذا عندنا إلّا أنه لا يمكن حمله فلا أدري كيف حمل. وأمرت حتى حمل إليه الجام وتشفعت إليه ليتعرف الخبر بزبيد هل ضاع لأحد من الحلاويين جام علامته كذا وكذا، فرجع الزبيدي إلى زبيد، وإذا أنه حمل من دكان إنسان حلاوي، فصح عندي أن الرجل مخدوم.
وقال ابن باكوا: حدّثنا أبو عبد الله بن مفلح، حدّثنا طاهر بن أحمد التستري.
قال: تعجبت من أمر الحلاج فلم أزل أتتبع وأطلب الحيل، وأتعلم النيرنجات لأقف على ما هو عليه، فدخلت عليه يوما من الأيام، وسلمت وجلست ساعة ثم قال لي:
يا طاهر لا تتعن، فإن الذي تراه وتسمعه من فعل الأشخاص لا من فعلي، لا تظن أنه كرامة أو شعوذة، فصح عندي أنه كما يقول.
حدّثني أبو سعيد السجزي، أنبأنا محمّد بن عبد الله بن عبيد الله الصّوفيّ الشّيرازيّ قال: سمعت عليّ بن الحسن الفارسيّ بالموصل يقول: سمعت أبا بكر بن سعدان يقول: قال لي الحسين بن منصور: تؤمن بي حتى أبعث إليك بعصفورة تطرح من ذرقها وزن حبة على كذا منا من نحاس فيصير ذهبا؟! قال: فقلت له: بل أنت تؤمن بي حتى أبعث إليك بفيل يستلقي فتصير قوائمه في السماء، فإذا أردت أن تخفيه أخفيته في إحدى عينيك؟ قال: فبهت وسكت.