ناصر، أنبأنا محمّد بن عبد الله بن باكوا الشّيرازي. قال: سمعت ابن بزول القزوينيّ- وقد سأل أبا عبد الله بن حفيف عن معنى هذه الأبيات-:
سبحان من أظهر ناسوته … سر سنا لاهوته الثاقب
ثم بدا في خلقه ظاهرا … في صورة الآكل والشارب
حتى لقد عاينه خلقه … كلحظة الحاجب بالحاجب
فقال الشيخ: على قائلها لعنة الله. فقال عيسى بن بزول: هذا الحسين بن منصور.
فقال: إن كان هذا اعتقاده فهو كافر. إلّا أنه لم يصح أنه له، ربما يكون مقولا عليه.
قال ابن باكوا: سمعت أبا القاسم يوسف بن يعقوب النّعماني يقول: سمعت والدي يقول: سمعت أبا بكر محمّد بن داود الفقيه الأصبهاني يقول: إن كان ما أنزل الله على نبيه ﷺ حقّا، وما جاء به حقّا، فما يقول الحلاج باطل. وكان شديدا عليه.
أنبأنا ابن الفتح، أنبأنا محمّد بن الحسين قال: سمعت أبا بكر الشاشي يقول: قال أبو الجديد- يعني المصري- لما كان الليلة التي قتل في صبيحتها الحسين بن منصور قام من الليل فصلى ما شاء الله، فلما كان آخر الليل قام قائما فتغطى بكسائه، ومد يديه نحو القبلة فتكلم بكلام جائز الحفظ، وكان مما حفظت أن قال: نحن شواهدك فلو دلتنا عزتك لتبدي ما شئت من شأنك ومشيئتك، وأنت الذي في السماء إليه وفي الأرض إله. تتجلى لما تشاء مثل تجليك في مشيئتك كأحسن الصورة، والصورة فيها الروح الناطقة بالعلم والبيان والقدرة ثم أوعزت إليّ شاهدك، لأني في ذاتك الهوى، كيف أنت إذا مثلت بذاتي عند عقيب كراتي، ودعوت إلى ذاتي بذاتي، وأبديت حقائق علومي ومعجزاتي، صاعدا في معارجي إلى عروش أزلياتي، عند القول من برياتي، إني احتضرت وقتلت، وصلبت، وأحرقت، واحتملت سافياتي الذاريات، ونجحت في الجاريات، وأن ذرة من ينجوج مكان هاكول متجلياتي، لأعظم من الراسيات. ثم أنشأ يقول:
أنعي إليك نفوسا طاح شاهدها … فيما ورا الحيث أو في شاهد القدم
أنعي إليك قلوبا طالما هطلت … سحائب الوحي فيها أبحر الحكم
أنعي إليك لسان الحق منك ومن … أودى وتذكاره في الوهم كالعدم
أنعي إليك بيانا يستكين له … أقوال كل فصيح مقول فهم