أنعي- وحبك- أخلاقا لطائفة … كانت مطاياهم من مكمد الكظم
مضى الجميع فلا عين ولا أثر … مضى عاد وفقدان الألي إرم
وخلفوا معشرا يحذون لبستهم … أعمى من البهم بل أعمى من النعم
حدّثني محمّد بن علي الصوري قال: سمعت إبراهيم بن جعفر بن أبي الكرام البزّاز- بمصر- يقول: سمعت أبا محمّد الياقوتي يقول: رأيت الحلاج عند الجسر وهو على بقرة ووجهه إلى عجزها، فسمعته يقول: ما أنا بالحلاج، ألقى على شبهه وغاب، فلما أدنى إلى الخشبة ليصلب عليها سمعته يقول: يا معين الفنا عليّ، أعني عليّ الفنا. أنبأنا القاضي أبو العلاء الواسطيّ قال: لما أخرج الحسين بن منصور ليقتل أنشد:
طلبت المستقر بكل أرض … فلم أر لي بأرض مستقرا
أطعت مطامعي فاستعبدتني … ولو أني قنعت لكنت حرّا
أنبأنا إسماعيل الحيرى، أنبأنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال: سمعت محمّد بن أحمد بن الحسن الورّاق يقول: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمّد القلانسي الرّازيّ يقول: لما صلب الحسين بن منصور، وقفت عليه وهو مصلوب فقال: إلهي إلهي أصبحت في دار الرغائب أنظر إلى العجائب، إلهي إنك تتودد إلى من يؤذيك، فكيف لا تتودد إلى من يؤذي فيك.
وقال السلمي: سمعت عبد الواحد بن عليّ يقول: سمعت فارسا البغداديّ يقول:
لما حبس الحلاج قيد من كعبه إلى ركبته بثلاثة عشر قيدا، وكان يصلي مع ذلك في كل يوم وليلة ألف ركعة! قال: وسمعت فارسا يقول: قطعت أعضاؤه يوم قتل عضوا عضوا وما تغير لونه.
وقال السلمي: سمعت أبا عبد الله الرّازيّ يقول: سمعت أبا بكر العطوفي يقول:
كنت أقرب الناس من الحلاج، فضرب كذا وكذا سوطا، وقطعت يداه ورجلاه فما نطق! أنبأنا أبو الفتح، أنبأنا محمّد بن الحسين قال: سمعت الحسين بن أحمد- يعني الرّازيّ- يقول: سمعت أبا العبّاس بن عبد العزيز يقول: كنت أقرب الناس من الحلاج حين ضرب وكان يقول مع كل صوت: أحد، أحد.