على باب وسائل عليه مكفوف وهو يقول: الليل والنهار علي سواء، فأخذت هذا منه.
أنبأنا القاضي أبو حامد أحمد بن محمّد بن أبي عمرو الدلوي حدّثنا أبو القاسم الحسن بن محمّد بن حبيب النّيسابوري قال سمعت أبا القاسم عبد الرّحمن بن المظفر الأنباريّ يقول سمعت أبا القاسم بن أبي حية يقول سمعت خالد بن يزيد الكاتب يقول: بينا أنا مار بباب الطاق، إذا براكب خلفي على بغلة، فلما لحقني نخسني بسوطه فقال: أنت القائل يا خويلد، وليل المحب بلا آخر؟ قلت نعم! قال لله أبوك، وصف امرؤ القيس الليل الطويل في ثلاثة أبيات، ووصفه النابغة في ثلاثة أبيات، ووصفه بشّار بن برد في ثلاثة أبيات، وبرزت عليهم بشطر كلمة؟! فلله أبوك. قلت وبم وصفه امرؤ القيس؟ فقال بقوله:
وليل كموج البحر أرخى سدوله … علي بأنواع الهموم ليبتلي
فقلت له لما تمطى بصلبه … وأردف أعجازا وناء بكلكل
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي … بصبح وما الإصباح منك بأمثل
قلت: وبم وصفه النابغة؟ فقال: بقوله:
كليني لهم يا أميمة ناصب … وليل أقاسيه بطيء الكواكب
وصدر أزاح الليل عازب همه … فضاعف فيه الهم من كل جانب
تقاعس حتى قلت ليس بمنقض … وليس الذي يهدي النجوم بآئب
قلت له: وبم وصفه بشّار؟ فقال: بقوله:
خليلي ما بال الدجى لا تزحزح … وما بال ضوء الصبح لا يتوضح
أظن الدجى طالت وما طالت الدجى … ولكن أطال الليل سقم مبرح
أضل النهار المستنير طريقه … أم الدهر ليل كله ليس يبرح؟
قلت له: يا مولاي هل لك في شعر قلته لم أسبق إليه؟ قال نعم! فقلت:
كلما اشتد خضوعي … لجوى بين ضلوعي
ركضت في حلبتي خد … ي خيل من دموعي
قال: فثنى رجله عن بغلته وقال: هاكها فاركبها فأنت أحق بها مني. فلما مضى سألت عنه فقيل: هو أبو تمام حبيب بن أوس الطائي.