أخبرني محمّد بن المهنى قال: كان عباس بن الأحنف مع إخوان له على شراب، فجرى ذكر مسلم بن الوليد، فقال بعضهم صريع الغواني. فقال عباس: والله ما يصلح إلا أن يكون صريع الغيلان. فاتصل ذلك بمسلم فأنشأ مسلم يهجوه ويقول:
بنو حنيفة لا يرضى الدعي بهم … فاترك حنيفة واطلب غيرها نسبا
منيت مني وقد جد الجراء بنا … بغاية منعتك الفوت والطلبا
واذهب فأنت طليق الحلم مرتهن … بسورة الجهل ما لم أملك الغضبا
اذهب إلى عرب ترضى بدعوتهم … إني أرى لك خلقا يشبه العربا
أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن الحسن بن محمّد بن القاسم المخزوميّ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن يحيى بن العبّاس الصولي قال: كنت عند أبي ذكوان- وهو القاسم ابن إسماعيل- فقال: أنشدني عمك إبراهيم بن العبّاس لخاله العبّاس بن الأحنف:
قد سحب الناس أذيال الظنون بنا … وفرق الناس فينا قولهم فرقا
فكاذب قد رمى بالحب غيركم … وصادق ليس يدري أنه صدقا
ثم قال: كأني أعرف شعرا أخذه العبّاس منه، فقلت له: أنشدنا أبو العيناء عن الأصمعي لمزاحم العقيلي:
ألا يا سرور النفس ليس بعالم … بك الناس حتى يعلموا ليلة القدر
سوى رجمهم بالظن والظن مخطئ … مرارا ومنهم من يصيب ولا يدري
فقال: هو والله الذي أردت، لو رآك عمك لأقر الله عينه بك.
أخبرنا محمّد بن الحسن الأهوازي، أخبرنا الحسن بن عبد الله اللغوي عن محمّد ابن يحيى قال: سمعت أبا العبّاس عبد الله بن المعتز يقول: لو قيل ليما أحسن شعر تعرفه. لقلت شعر العبّاس بن الأحنف:
قد سحب الناس أذيال الظنون بنا … وفرق الناس فينا قولهم فرقا
فكاذب قد رمى بالظن غيركم … وصادق ليس يدري أنه صدقا
أخبرنا عليّ بن أيّوب القمي، حدّثنا أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني، أخبرني الصولي، حدّثنا المغيرة بن محمّد المهلبي قال: سمعت الزّبير يقول: العبّاس بن الأحنف أشعر أهل زمانه، وقوله:
يعتل بالشغل عنا ما يكلمنا … والشغل للقلب ليس الشغل للبدن