ويقول: لا أعلم شيئا من أمور الدنيا- خيرها وشرها- إلا وهو يصلح أن يتمثل فيه بهذا النصف الأخير. قال المرزباني وهو من هذه الأبيات:
أغيب عنك بود لا يغيره … نأى المحل ولا صرف من الزمن
فإن أعش فلعل الدهر يجمعنا … وإن أمت فبطول الهم والحزن
قد حسن الحب في عيني ما صنعت … حتى أرى حسنا ما ليس بالحسن
أخبرني عليّ بن أيّوب، أخبرنا المرزباني، أخبرني الصولي، روى عن الزّبير بن بكّار أن بشارا أنشد قول العبّاس بن الأحنف أول ما قال الشعر:
لما رأيت الليل سد طريقه … عني وعذبني الظلام الراكد
والنجم في كبد السماء كأنه … أعمى تحير ما لديه قائد
ناديت من طرد الرقاد بنومه … عما ألاقي وهو خلو هاجد
قال: قاتل الله هذا الغلام ما رضى أن يجعله أعمى حتى جعله بلا قائد.
أخبرنا الحسن بن عليّ الجوهريّ، حدّثنا محمّد بن العبّاس. وأخبرنا أحمد بن عمر ابن روح النهرواني، أخبرنا المعافى بن زكريا قالا: حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباريّ، حدثني محمّد بن المرزبان، حدثني أحمد بن أبي طاهر قال: قال لي بعض أصحابنا، قال بشّار: ما كنا نعد هذا الغلام في الشعراء- يعني العبّاس بن الأحنف- حتى قال هذين البيتين:
نزف البكاء دموع عينك فالتمس … عينا لغيرك دمعها مدرار
من ذا يعيرك عينه تبكي بها … يا من لعين للبكاء تعار؟
أخبرنا أبو عليّ محمّد بن الحسين بن محمّد الجازري، حدّثنا المعافى بن زكريا- إملاء- حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي، حدّثنا أحمد بن إسماعيل، حدثني محمّد بن يزيد المبرد قال: صرت إلى مجلس ابن عائشة- وفيه الجاحظ والجماز- فسأله عيسى ابن إسماعيل- تينة- من أشعر المولدين؟ فقال الذي يقول:
يزيدك وجهه حسنا … إذا ما زدته نظرا
بعين خالط التفت … ير من أجفانها الحورا
ووجه سامري لو … تصوب ماؤه قطرا
يعني العبّاس بن الأحنف.
أخبرنا الحسن بن محمّد بن عبد الواحد، أخبرنا محمّد بن عبد الرّحيم المازني.