وكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة؛ وثلاثة أشهر، وأياما. وكان هارون أبيض طويلا، مسمنا جميلا، قد وخطه الشيب، ويكنى أبا جعفر، وأمه أم ولد يقال لها الخيزران.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدثنا محمّد بن أحمد بن البراء قال: الرّشيد هارون بن المهدي وكنيته أبو جعفر ولد بالري، وكان يحج سنة، ويغزو سنة، قال أبو الشغلي (١):
فمن يطلب لقاءك أو يرده … فبالحرمين أو أقصى الثغور
ففي أرض العدو على طمر … وفي أرض البنية فوق طور
وما جاز الثغور سواك خلق … من المستخلفين على الأمور
أخبرنا الأزجي، أخبرنا المفيد، حدثنا أبو بشر محمّد بن أحمد بن حمّاد قال:
أخبرني أبو موسى العبّاس عن عبد الله بن عيسى الأمويّ قال: أخبرني إبراهيم بن المنذر قال: استخلف هارون وبويع له يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة سبعين ومائة، وهو ابن تسع عشرة سنة، وشهرين، وثلاث عشرة ليلة.
وقال أبو بشر: أخبرني جعفر بن علي الهاشميّ، حدثنا أحمد بن محمّد بن أيّوب قال: بويع لأبي جعفر هارون الرّشيد بن محمّد المهدي بن أبي جعفر المنصور يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت من شهر ربيع الأول سنة سبعين ومائة ببغداد مدينة السلام.
أخبرني الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة قال: الرّشيد يكنى أبا جعفر؛ وبويع له سنة سبعين ومائة في اليوم الذي توفي فيه الهادي، وولد المأمون في تلك الليلة، فاجتمعت له البشارة بالخلافة والولد، وكان يقال: ولد في هذه الليلة خليفة، وولى خليفة، ومات خليفة. وكان ينزل الخلد، وحكى بعض أصحابه أنه كان يصلي في كل يوم مائة ركعة إلى أن فارق الدنيا، إلا أن يعرض له علة، وكان يتصدق في كل يوم من صلب ماله بألف درهم، وكان إذا حج أحج معه مائة من الفقهاء وأبنائهم، وإذا لم يحج أحج في كل سنة ثلاثمائة رجل بالنفقة السابغة، والكسوة الظاهرة. وكان يقتفي أخلاق المنصور ويعمل بها إلا في العطايا