والجوائز. فإنه كان أسنى الناس عطية ابتداء وسؤالا، وكان لا يضيع عنده يد ولا عارفة. وكان لا يؤخر عطاء اليوم إلى عطاء غد، وكان يحب الفقه والفقهاء، ويميل إلى العلماء، ويحب الشعر والشعراء، ويعظم في صدره الأدب والأدباء، وكان يكره المراء في الدين والجدال، ويقول إنه لخليق أن لا ينتج خيرا، وكان يصغى إلى المديح ويحبه، ويجزل عليه العطاء، ولا سيما إذا كان من شاعر فصيح مجيد.
أخبرنا علي بن الحسين- صاحب العبّاسي- أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل، حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدثنا إبراهيم بن الجنيد قال: سمعت علي بن عبد الله يقول: قال أبو معاوية الضّرير: حدثت هارون الرّشيد بهذا الحديث، يعني قول النبي ﷺ:«وددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا، ثم أقتل»
فبكى هارون حتى انتحب ثم قال: يا أبا معاوية ترى لي أن أغزو؟ قلت: يا أمير المؤمنين مكانك في الإسلام أكبر، ومقامك أعظم، ولكن ترسل الجيوش. قال أبو معاوية: وما ذكرت النبي ﷺ بين يديه قط إلا قال: صلى الله على سيدي.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن علي بن حمويه بن أبزك الهمذانيّ- بها- أخبرنا أحمد ابن عبد الله الشّيرازيّ، أخبرنا أبو القاسم علي بن أحد الخزاعيّ، حدثنا أبو الحسين محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن عتاب البزّاز البخاريّ، حدثنا أبو هارون سهل بن شاذويه بن الوزير البخاريّ قال: حدثني محمّد بن عيسى بن يزيد السّعديّ الطّرسوسيّ قال: سمعت خرزاذ القائد يقول: كنت عند الرّشيد، فدخل أبو معاوية الضّرير وعنده رجل من وجوه قريش، فجرى الحديث إلى أن خرج أبو معاوية إلى حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة:«أن موسى لقى آدم فقال: أنت آدم الذي أخرجتنا من الجنة!»(١) وذكر الحديث.
فقال القرشيّ: أين لقى آدم موسى؟ قال: فغضب الرّشيد. وقال: النطع والسيف، زنديق والله يطعن في حديث رسول الله ﷺ، قال: فما زال أبو معاوية يسكنه ويقول:
كانت منه بادرة ولم يفهم يا أمير المؤمنين، حتى سكنه.
أخبرنا أبو العلاء محمّد بن علي بن يعقوب القاضي، أخبرنا عبد الله بن محمّد المزني- بواسط- حدثنا أبو طاهر المزني عبد الله بن محمّد بن مرّة- بالبصرة- حدثنا