للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بدهن الفستق، فانصرفت عنه وقالت له: أنت شيخ قد خرفت وذهب عقلك، ثم لزمته فنفعني الله بالعلم ورفعني حتى تقلدت القضاء، وكنت أجالس الرّشيد وآكل معه على مائدته، فلما كان في بعض الأيام قدم إلى هارون فالوذجة فقال لي هارون يا يعقوب كل منه فليس كل يوم يعمل لنا مثله. فقلت: وما هذه يا أمير المؤمنين؟ فقال:

هذه فالوذجة بدهن الفستق، فضحكت. فقال لي: مم ضحكت؟ فقلت: خيرا، أبقى الله أمير المؤمنين، قال: لتخبرني- وألح عليّ- فخبرته بالقصة من أولها إلى آخرها فعجب من ذلك. وقال: لعمري إن العلم ليرفع وينفع دينا ودنيا، وترحم على أبي حنيفة، وقال: كان ينظر بعين عقله مالا يراه بعين رأسه.

أخبرني الحسن بن محمّد الخلّال، أخبرنا علي بن عمرو الحريري أن علي ابن محمّد بن كاس النخعي أخبرهم قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن خازم، حدثنا عبيد بن محمّد قال: سمعت عمر بن حمّاد يقول: سمعت أبا يوسف يقول: ما كان في الدنيا أحب إليّ من مجلس أجلسه مع أبي حنيفة وابن أبي ليلى، فإني ما رأيت فقيها أفقه من أبي حنيفة، ولا قاضيا خيرا من ابن أبي ليلى. وقال النخعي: سمعت محمّد بن إسحاق البكائي يقول: سمعت إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة يقول:

كان أصحاب أبي حنيفة عشرة: أبو يوسف، وزفر، وأسد بن عمرو البجليّ وعافية الأودي، وداود الطّائيّ، والقاسم بن معن المسعودي، وعلي بن مسهر، ويحيى بن زكريّا بن أبي زائدة، وحبان، ومندل ابنا علي العنزي. ولم يكن فيهم مثل أبي يوسف، وزفر.

وقال النخعي: حدثنا أحمد بن عمار بن أبي مالك. قال: سمعت عمار بن أبي مالك يقول: ما كان فيهم مثل أبي يوسف لولا أبو يوسف ما ذكر أبو حنيفة ولا ابن أبي ليلى، ولكنه هو نشر قولهما وبث علمهما.

أخبرنا التّنوخيّ، أخبرنا طلحة بن محمّد بن جعفر قال: وأبو يوسف مشهور الأمر ظاهر الفضل وهو صاحب أبي حنيفة وأفقه أهل عصره، ولم يتقدمه أحد في زمانه، وكان النهاية في العلم والحكم، والرئاسة والقدر، وأول من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة، وأملىالمسائل ونشرها وبث علم أبي حنيفة في أقطار الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>