أمير المؤمنين لا يحمل الناس على مالا يعرفونه، فإن كنت صادقا فاقعد إلى المجلس فإذا اجتمع الناس فقل. قال: فلما أن كان من الغد اجتمع الناس فقام فقال: يا أبا خالد رضي الله عنك إن أمير المؤمنين يقرئك السلام ويقول لك: إني أردت أن أظهر القرآن مخلوق فما عندك في ذلك؟ قال: كذبت على أمير المؤمنين، أمير المؤمنين لا يحمل الناس على مالا يعرفونه وما لم يقل به أحد. قال فقدم. فقال: يا أمير المؤمنين كنت أنت أعلم قال: كان من القصة كيت وكيت، قال: فقال له: ويحك تلعّب بك.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا المزكى، أخبرنا السراج قال: سمعت محمّد بن عيسى بن السّكن الواسطيّ قال: سمعت شاد بن يحيى يقول: سمعت يزيد بن هارون يحلف بالله الذي لا إله إلا هو أن من قال القرآن مخلوق فهو كافر.
وقال السراج: سمعت إبراهيم بن عبد الرّحيم قال: سمعت إسماعيل بن عبيد- وهو ابن أبي كريمة- قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: القرآن كلام الله لعن الله جهما، ومن يقول بقوله كان كافرا جاحدا.
أخبرني أبو الفتح محمّد بن المظفّر بن محمّد بن غالب الدينوري- بها- أخبري سعد بن عبد الله المشعبي، أخبرنا أبو القاسم بن زيد، حدثنا عمر بن سهل قال:
امتدح شاعر يزيد بن هارون، فأنشأ يقول:
شفي الغليل إذا ما قال حدثنا … يحيى فيا لك من ذي منطق حسن
أو قال أخبرنا داود مبتدئا … والعلم والدر منظومان في قرن
يعني- يحيى بن سعيد الأنصاريّ، وداود بن أبي هند.
أخبرني الأزهري، حدثنا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال، حدثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، حدثنا جدي قال: رأيت عليّ بن الجندي الحراني الذي وفد على يزيد بن هارون، لحديث الفتون يسمعه منه فقيل له: إنه قد حلف أن لا يحدث به، فقال قصيدة يستخرج بها الحديث منه. فقام بالقرب منه، فبلغني أنه لما أنشدها يزيد ابن هارون استمع له فكان إذا مر فيها بمدحه نهاه ويعض يده، ثم يستمع له بعد حتى أتمها فقال:
دع عنك ما قد مضى في سالف الزمن … من نعت ربع ديار الحي والدمن
واذكر مسيرك في غبراء موحشة … من الفدافد والقيعان والمنن