فقال للصبي: قم نم. فقال الصبي: إني آنس برؤيتك، وأشتهي النظر إليك إلى أن تنام، فقال الشبلي: إن جاريتي قالت عددت عليك ستة أشهر لم تنم فيها.
سمعت أبا القاسم عبيد الله بن عبد الله بن الحسن الخفاف- المعروف بابن النقيب- يقول: كنت يوما جالسا بباب الطاق اقرأ القرآن على رجل يكنى بأبي بكر العميش- وكان وليّا لله- فإذا بأبي بكر الشبلي قد جاء إلى رجل يكنى بأبي الطّيّب الجلا- وكان من أهلم العلم، فسلم عليه، وأطال الحديث معه، وقام لينصرف فاجتمع قوم إلى أبي الطّيّب فقالوا: نسألك أن تسأله أن يدعو لنا ويرينا شيئا من آيات الله ﷿ ومعه صاحبان له- فألح أبو الطّيّب عليه في المسألة، واجتمع الناس بباب الطاق. فرفع الشبلي يده إلى الله تعالى ودعا بدعاء لم يفهم، ثم شخص إلى السماء فلم يطبق جفنا على جفن إلى وقت الزوال. وكان دعاؤه وابتداء إشخاص بصره إلى السماء ضحى النهار، فكبر الناس وضجوا بالدعاء والابتهال. ثم مضى الشبلي إلى سوق يحيى وإذا برجل يبيع حلواء وبين يديه طنجير فيه عصيدة تغلي. فقال الشبلي لصاحب له: هل تريد من هذه العصيدة؟ قال نعم! وأعطى الحلاوي درهما وقال أعط هذا ما يريد، ثم قال تدعني أعطيه رزقه؟ قال الحلاوي: نعم، فأخذ الشبلي رقاقة، وأدخل يده في الطنجير والعصيدة تغلي فأخذ منها بكفه وطرحها على الرقاقة. ومشى الشبلي إلى أن جاء إلى مسجد أبي بكر بن مجاهد، فدخل على أبي بكر فقام إليه أبو بكر، فتحدث أصحاب ابن مجاهد بحديثهما، وقالوا لأبي بكر: أنت لم تقم لعلي بن عيسى الوزير وتقوم للشبلي؟ فقال أبو بكر: ألا أقوم لمن يعظمه رسول الله ﷺ؟ رأيت النبي ﷺ في النوم فقال لي يا أبا بكر إذا كان في غد فسيدخل عليك رجل من أهل الجنة، فإذا جاءك فأكرمه. قال ابن مجاهد: فلما كان بعد ذلك بثلاثين- أو أكثر- رأيت النبي ﷺ في المنام. فقال لي: يا أبا بكر أكرمك الله كما أكرمت رجلا من أهل الجنة. فقلت: يا رسول الله بم استحق الشبلي هذا منك؟ فقال: هذا رجل يصلي كل يوم خمس صلوات، يذكرني في أثر كل صلاة ويقرأ: ﴿لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ [التوبة ١٢٨] الآية. يفعل ذلك منذ ثمانين سنة، أفلا أكرم من يفعل هذا.
أخبرنا إسماعيل الحيرى، أخبرنا أبو عبد الرّحمن السّلميّ قال: سمعت محمّد بن عبد العزيز الواعظ يقول: سمعت أبا جعفر الفرغاني يقول: سمعت الجنيد يقول: