وأخرج أبو نعيم في الحلية عن نافع قال: كان ابن عمر - رضي الله عنهما - إِذا اشتد عجبه بشيء من ماله قرَّبه لربه عزّ وجلّ. قال نافع: وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه، فربما شمَّر أحدهم فيلزم المسجد، فإذا رآه ابن عمر رضي الله عنهما على تلك الحالة الحسنة أعتقه. فيقول له أصحابه: يا أبا عبد الرحمن - والله - ما بهم إلا أن يخدعوك فيقول ابن عمر: فمن خدعنا بالله عزّ وجلّ إنخدعنا له.
قال نافع: فلقد رأيتنا ذات عشية وراح ابن عمر على نجيب له قد أخذه بمال عظيم، فلما أعجبه سيره أناخه مكانه ثم نزل عنه. فقال: يا نافع إنزعوا زمامه ورَحْله، وجلِّلوه وأشعروه وأدخلوه في البُدْن. وفي رواية أخرى عنده أيضاً عن نافع قال: بينا هو يسير على ناقته - يعني ابن عمر - إذا أعجبته فقال: إخ إخ، فأناخها ثم قال: يا نافع، حُطَّ عنه الرَّحْل، فكنت أرى أنه لشيء يريده أو لشيء رابه منها، فحططت الرحل، فقال لي: أنظر هل ترى عليها مثل رأسها؟ فقلت: أنشدك إِنك إن شئت بعتها واشتريت بثمنها. قال: فجلَّله وقلّدها وجعلها في بُدْنه، ما أعجبه من ماله شيء قط إلا قدمه. وعنده أيضاً عن نافع عن ابن عمر: أنه كان لا يعجبه شيء من ماله إلا خرج منه لله عزّ وجلّ. قال: وكان ربما تصدَّق في المجلس الواحد بثلاثين ألفاً - قال وأعطاه ابن عامر مرتين ثلاثين ألفاً، فقال: يا نافع إِني أخاف أن تفتنني دارهم ابن عامر، إذهب فأنت حر. وكان لا يد من اللحم شهراً إلا مسافراً أو في رمضان. قال: وكان يمكث الشهر لا يذوق فيه مُزعة لحم