للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيُديرُه عند الأمر يَرهقه من خوف أو عدو، ثم كثر استعماله في كل إعلام

يُجهرُ به صوت؛ وإنما سميت الإقامة تثويبًا؛ لأنه إعلام بإقامة الصلاة،

والأذان إعلام بوقت الصلاة ".

وقيل: سميت الإقامة تثويباً لأنه عود للنداء من ثاب إلى كذا إذا عاد

إليه.

قوله: " حتى يخطر بين المرء ونَفسه " - بضم الطاء وكسرها- قال

عياض: ضبَطناه عن المتقنين بالكسر، وسمعناه من أكثر الرواة بالضم،

قال: والكسر هو الوجه؛ ومعناه: يُوسوس؛ من قولهم: خطر العجل

بذنبه إذا حركه يَضرب به فخذَيه. وأما الضم: فمن السلوك والمرور،

أي: يدنو منه، فيمر بينه وبن قلبه، فيُشغله عما هو فيه، وقال الباجي:

فيحول بين المرء وما يُريده من نفسه من إقباله على صلاته وإخلاصه. وقال

الهجري في " نوادره ": يخطِر بالكسر في كل شيء، وبالضم ضعيف.

قوله: " حتى يظل الرجل إن يدري كم صَلّى " أي: حتى يصير الرجل

ما يَدري كم صلّى من الركعات. و " يطل " بظاء قائمة مفتوحة،

و" الرجل " مرفوع لأن فعله (١) بمعنى يصير كما في قوله تعالى: (ظَل

وَجهُهُ) (٢) وقيل: معناه: يبقى ويدوم. وحكى الداوديّ " يضِل "

بالضاد المعجمة المكسورة بمعنى: ينسى ويذهب وهمُه ويَسهو، قال تعالى:

(أن تَضِلَّ إِحدَاهُمَا) (٣) . قال ابن قرقول: وحكى الداودي أنه روي

" يضِل " و " يضَل " من الضلال وهو الحَيرة، قال: والكسر في المستقبل

أشهر. قال الحافظ القشيري: ولو روى هذا الرجل " حتى يُضِل الرجلَ "

لكان وَجها صحيحًا، يُريد حتى يُضل الشيطان الرجلَ عَن درايته كم

صلّى، قال: ولا أعلم أحدًا رواه؛ لكنه لو رُوي لكان وَجها صحيحًا في

المعنى غير خارج عَن مراده- عليه السلام-، وقوله " إن " بالكسر،


(١) في الأصل: " فاعله ".
(٢) سورة النحل: (٥٨) .
(٣) سورة البقرة: (٢٨٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>