لطيف وذلك أنه استعاذ بالله، وسأله أن يجيره برضاه من سخطه، وبمعافاته من عقوبته، والرضا والسخط ضدان متقابلان، وكذلك المعافاة والمعاقبة، فلما صار إلى ذكر ما لا ضد له- وهو الله سبحانه وتعالى- استعاذ به منه لا غير. ومعناه: الاستغفار من التقصير في بلوغ الواجب في سنن عبادته والثناء عليه".
قوله: "لا أحصي ثناءً عليك " أي: لا أطيقه ولا آتي عليه. وقيل: لا أحيط به. وقال مالك: معناه لا أحصي نعمتك وإحسانك والثناء عليك بها، وإن اجتهدتُ في الثناء عليك.
قوله: " أنت كما أثنيتَ على نفسك" اعتراف بالعجز عن تفصيل الثناء، وأنه لا يقدر على بلوغ حقيقته، ورد ثناءه إلى الجملة دون التفصيل والإحصاء والتعيين، فوكل ذلك إلى الله تعالى، المحيط بكل شيء جملةً وتفصيلاً، وكما أنه لا نهاية لصفاته، لا نهاية للثناء عليه، لأن الثناء نافع للمُثني عليه، فكل ثناء أثني عليه به، وإن كثر، وإن طال، وبولغ فيه، فقدر الله أعظم، وسلطانه أعز، وصفاته كبر وكثر، وفضله وإحسانه أوسع وأسبغ.
وفي هذا الحديث دليل لأهل السنة في جواز إضافة الشر إلى الله تعالى، كما يضاف إليه الخير لقوله: "أعوذ من سخطك ومن عقوبتك ". والحديث أخرجه مسلم، وابن ماجه، والنسائي.
* * *
[١٤٥- باب: الدعاء في الصلاة]
أي: هذا باب في بيان الدعاء في الصلاة، وفي بعض النسخ "باب ما جاء في الدعاء في الصلاة".
٨٥٧- ع- نا عمرو بن عثمان نا بقية نا شعيب عن الزهري عن عروة أن عائشة أخبرته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في صلاته: "اللهم إني أعوذُ بك مِن عَذَابِ القَبْرِ، وأعوذُ بك من فِتنةِ المسيح الدجالِ، وأعوذُ بك من