للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: ما الفرق بَين الضُّعف والسقم، فهل هما واحد؟ فما كانت

الحاجة إلى ذكرهما معا؟ قَلت: الضُّعف والضَّعف- بالضم والفتح-

خلاف القوة، وقد ضَعُف- بالضمّ- فهو ضَعيف، والسقم- بالضم-

والسَّقَم- بفتحتين: المرض، وكذلك السَقَامُ، وقد سَقِمَ- بالكسر-

فهو سقيمٌ، فالضعيف أعم من السقيم؛ يتناول مَن به سَقمٌ ويَتناول مَن

ذهبت قوته كالشيخ الهرِم، ويتناول كل عاجز عن الحضور سواء كان به

سقم أولا؛ وإنما ذكر رسول الله كليهما ليتناول أنول الجنسَين، ويَعمّ

أصنافهما، فافهم.

وهذا الحديث- أيضا- حجة لأصحابنا على استحباب تأخير العشاء

إلى ما قبل نصف الليل، والحديث الذي تقدم يدل على استحباب التأخير

إلى الثلث؛ وكلاهما سواء؛ لأن قبل النصف في حكم الثلث.

فإن قلت: ينبغي أن تكون سنيّة التأخير كسنية السواك؛ حيث قال

- عليه السلام-: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل

صلاة، ولأخرتُ العشاء إلى ثلث الليل " رواه الترمذي، والنسائي؛

وذلك لأن الأمر بالسواك وتأخير العشاء كلاهما مُنتفيان لوجود الشقة،

ومع هذا السواك: سُنَّة وتأخير العشاء: مستحبّ. قلت: لم تثبت

سنية السواك بعد هذا إلا بمواظبته- عليه السلام- ولولاها لقلنا باستحبابه

- أيضا- ولم توجد المواظبة في تأخير العشاء، فلم تثبت السّنية، فبقي

مُستحبا. وجوابٌ آخر: أنه قال في السواك: " لأمرتهم " وهو للوجوب؛

ولكن امتنع الوجوب لعارض المشقة، فيكون سُنَّة، وأما في التأخير فقد

قال: " لأخرتُ " وفعله مُطلقا يدل على الاستحباب لا على الوجوب.

***

٧- بَاب: في وَقتِ الصُّبح

أي: هذا باب في بيان وقت الصبح.

٤٠٧- ص- ثنا القعنبي، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عَمرةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>