للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكم هذا الباب: أن تكرار الجماعة في مسجد هل يكره أم لا؟

فنقول: إن صلى فيه غير أهله بأذان وإقامة لا يكره لأهله أن يُصلوا فيه جماعة، ولو صلى فيه أهله بأذان وإقامة أو بعض أهله يكره لغير أهله،

وللباقين من أهله أن يصفوا فيه جماعة. وقال الشافعي: لا يكره. وعن

أبي يوسف: أنه إنما يكره إذا كانت الجماعة الثانية كثيرة، فأما إذا كانوا

ثلاثة أو أربعة فقاموا في راوية من زوايا المسجد فصلوا بجماعة لا يكره.

وروي عن محمد / أنه إنما يكره إذا كانت الثانية على سبيل التداعي [١/ ١٩٦ - ب] والاجتماع، فأما إذا لم يكن فلا. واستدل الشافعي بالأحاديث المذكورة

وقال: ولو كان مكروها لما أمره به- عليه السلام-، ولأن قضاء حق

المسجد واجب، والقومُ الأخر ما قضوا، فيجب عليهم قضاء حقه به " قامة

الجماعة فيه، وبه قال أحمد، وإسحاق. ولنا ما روى عبد الرحمن بن

أبي بكر، عن أبيه: " أن رسول الله- عليه السلام- خرج من بَيْته

ليصلح بين الأنصار لتشاجر جرى بينهم، فرجع وقد صُفيَ في المسجد بجماعة، فدخل رسول الله في منزل بعض أهله فجمع أهله، فصلى بهم جماعة،، ولو لم يكره تكرار الجماعة في المسجد لصلى فيه. ورُوي عن

أنس: أن أصحاب رسول الله كانوا إذا فاتتهم الجماعة في المسجد صلوا

في المسجد فرادى، وهو قول سفيان، وابن المبارك، ومالك. والجواب

عما استدل به الشافعي: أن فيه أمر واحد وهو لا يكره، وإنما يكبره إذا

كان على سبيل التداعي والاجتماع، بل ما احتج به حجة علي، لأنه

- عليه السلام- لم يأمر أكثر من واحد لحاجتهم إلى إحراز الثواب،

وقُضِي حق المسجد حيْث صُفي فيه بالجَماعة بأذان وإقامة، وعلى هذا

الخلاف تكرار الأذان والإقامة- كما بمن ذلك في الفروع.

****

٥١- بَاب: فيمَن صَلى في مَنْزله ثم أدرك الجماعةَ يُصَلِي معَهُمْ

أي: هذا باب في بيان من صَلى في منْزله، ثم أدرك الجماعة يصلي

معهم، وفي بعض النسخ: " باب فيما جاء فيمن ".

**. شرح سنن أبي داود

<<  <  ج: ص:  >  >>