للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلث الليل الآخر"، وصحح ذلك غيره أيضاً، وقال: كذا قال شيوخ أهل الحديث، وهو الذي تتظاهر الأخبار بمعناه ولفظه، وقد يحتمل الجمع بأن الحديثين أن يكون النزول الذي أراده النبي- عليه السلام- وعناه - والله أعلم- بحقيقته عند مضي الثلث الأول، والقول:" من يدعوني " إلى آخره في الثلث الأخير، وأحسن الألفاظ في هذا الحديث وأبعدها من سوء التأويل، ما أخرجه النسائي في " سننه " من حديث الأغر أبي مسلم قال: سمعت أبا هريرة وأبا سعيد الخدري يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول، ثم يأمر مناديا ينادي ويقول: هل من دل يستجاب له، هل من مستغفر يغفر له، هل من سائل يعطى" فإن قيل: ما وجه اختصاص نزول أمر الله تعالى إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر؟ قلت: لأنه وقت هدوء الأصوات، وانقطاع الحركات، واشتغال كثر الخلق بالنوم، والغفلة في هذا الوقت، وأنه وقت انتشار الأنوار ووقت نشور الخلائق من الموت، الذي هو النوم، فيكون وقتاً شريفاً، وكان أقرب إلى الإجابة والإعطاء والمغفرة، وان كان الله تعالى يستجيب دعوة الداعين، ويعطي سؤال السائلين، ويغفر ذنوب المستغفرين في جميع الأوقات، وأيضاً هذا حث عظيم على قيام الليل في آخره بعد كسر النوم، وبعد الفراغ عن الأشغال لأن أود الليل وقت الشغل والنوم.

***

[٢٩٨- باب: وقت قيام النبي- عليه السلام- من الليل]

أي: هذا باب في بيان وقت [قيام] النبي صلى الله عليه وسلم من الليل.

١٢٨٦- ص- نا حسين بن يزيد الكوفي، نا حفص، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة قالت: إِن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليوقظُهُ اللهُ بالليلِ، فما يَجِئ السحَرُ حتى يَفْرغُ من جُزْئِهِ (١) " (٢)


(١) في الأصل:" جزؤه " كذا، وفي سنن أبي داود: " حزبه "
(٢) . تفرد به أبو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>