قوله: " الإمام ضامن " أصل الضمان: الرعاية والحفظ؛ لأنه يحفظ
على القوم صلاتهم، وقيل: لأنه يتحمل القراءة عنهم، ويتحمل القيامَ
إذا أدركه راكعًا، وقيل: صلاة المقتدين به في عهدته، وصحتها مقرونة
بصحة صلاته؛ فهو كالمتكفل/لهم صحة صلاتهم، وقيل: ضمان
الدعاء يعمّهم به ولا يختص بذلك دونهم. وقال بعض أصحابنا: مَعناه:
يتضمن صلاته صلاة القوم، وعن هذا قالوا: اقتداء المفترض بالمتنفل لا
يجوز؛ لأن تضمين الشيء فيما هو فوقه يجوز وفيما دونه لا يحوز، وهو
المَعنِيُ من الفرق؛ فإن الفرض يشتمل على أصل الصلاة والصفة، والنفل
يشتمل على أصل الصلاة، وإذا كان الإمام مفترضا فصلاته تشتمل صلاة
المتقدي وزيادة فيصحّ الاقتداء، وإذا كان متنفلا فصلاته لا تشتمل على ما
تشتملُ عليه صلاة المقتدين؛ فلا يصح اقتداؤه به؛ لأنه بناء القوي على
الضعيف؛ فيكون منفردا في حق الوَصف. وهذا الحديث أصلٌ لِثلاثة من
الفروع تُستفاد منه؛ الأول: فساد اقتداء المفترض بالمتنفل، والثاني: عدم
وجوب القراءة على المقتدين، والثالث: فساد صلاة المقتدين إذا ظهر
الإمام محدثا أو جنبا. وفي الكل خلاف الشافعي؛ والحديث حجة عليه.
قوله: " والمؤذن مؤتمن " يعني: أمينٌ على صلاتهم وصيامهم؛ لأنهم
يعتمدون عليه في دخول الأوقات وخروجها- وأيضا- هو يطلع على حرَم
المسلمين لارتقائه على المواضع المرتفعة. وعن هذا قالوا: يكرهُ أذانُ
الجاهلِ مواقيتَ الصلاةِ، وأذانُ الفاسقِ.
قوله: " اللهم أرشد الأئمة " مِن الإرشاد؛ وهي الهداية إلى طريق
الصواب، والرُشد خلاف الغي، والأئمة أصله: أأمَمةٌ جمع إمام؛
فقلبت الهمزة الثانية ألفًا فصَار آممة بالمدّ، ثم قلبت ياء بعد إدغام الميم في
الميم لالتقاء الساكنين، ويجوز: أئِمة بالهمزتين، وقُرئ بها. وإنما قال
في حق الَأئمة: " ارشد " وفي حق المؤذنين: " اغفر " لأن الإمامَ
ضامِنٌ، فيحتاج إلى الإرشاد في طريق ضمانه، ليَخرج عن عُهدته
بالسلامة، والمؤذن أمين فيحتاجُ إلى الغُفران؛ لأنه قد يقع منه تقصيرٌ.