قوله:" منْ تقدّم قوماً " أي: أحدها: من تقدم قوماً والحال أنهم كارهون إياه، وهذا الوعيد في حق الرجل الذي ليس من أهل الإمامة، فيتغلب عليها حتى يكره الناس إمامته، فأما المستحق للإمامة فاللومُ على مَنْ كرِهَهُ.
قوله:" ورجل " أي: وثانيها: رجل أتى الصلاة دبارا فهو أن يكون
قد اتخذه عادةَ حتى يكون حضوره الصلاة بعد فراغ الناس، وقيل: أن يأتيها بعد ما يفوت وقتها أو يأتيها حين أدبر وقتها.
قوله:" دبارا " نَصب على الظرفية، ويجوز أن ينتصب على الحالية بمعنى: ورجَل أتى الصلاة حال كونها مُدبرةَ أي: مُوليه "، بمعنى: أن يأتيها بعد توليها وذهابها. وقال في " الصحاح": فلان يأتي الصلاة دبارا أي: بعد ما ذهب الوقتُ. وقال ابن الأثير: وقيل: دبار جمع دبر، وهو آخر أوقات الشيء كالأدبار في قوله تعالى:" وَأدْبَارَ السجُود " (١) ويقال: فلان ما يَدْري قبالَ الأمر من دباره أي: ما أوله من آخره، والمراد: أنه يأتي الصلاة حين أدبر وقتُها.
قلت: الدبار- بكسر الدال- وأما الدبار- بفتح الدال- مثل الدمَّار، وبضم الدال: اسمُ يَوم الأربعاء، من أسمائهم القديمة.
قوله:" ورجل اعتبد مُحرّره " أي: ثالثها. رجل اتخذ محرره عبدا، وهو أن يعتقه ثم يكتم عتقه، أو يُنكره، أو يَعْتقله بعد العتق فيَستخدمه كرها، أو يأخذ حرا فيدعيه عبدا ويتملكه، وهذا الوجه قاله البعْض، ولكن فيه بُعْد، لأن قوله:" محرره" بالإضافة يَمْنعُ هذا الوجه ويتمشى هذا الوجه على رواية من روى " اعتبد حُرا " بدون الضمير، ويدخل في القسم الثالث: غالب ملوك الترك في هذا الزمان، فإن منهم من يَعْتق مملوكه، ثم يُنكر عتاقه، ومنهم من يعتقه ثم يستخدمه كرها، وهذا كثير جدا، ومنهم من يَشْتري الغلمان على أنهم مماليك، وهو يَعرف أنهم