للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله بن يزيد القطان بالرقة: ثنا أحمد بن أبي الحوراء: سمعت

أبا يحيى الحُماني: سمعت أبا حنيفة يقولُ: ما رأيْتُ فيمن لقيتُ أفضل

من عطاء، ولا لقيتُ فيمن لقيت كذبَ من جابر الجُعْفي، ما أتيته بشيءٍ

من رأى قط إلا جاءني فيه بحديثٍ.

قلتُ: أما إنكاره النسخ: فليس له وَجْه، وقد ذكرنا وجهه مستوفى.

وأما قوله: " أفتى به من الصحابة، جابر وغيره "، فقد قال الشافعي:

إنهم لم يبلغهم النسخ، وعِلمُ الخاصة يُوجد عند بَعْضٍ ويَغرب عن بعْضٍ.

انتهى، وكذا مَنْ أفتى به من التابعين لم يبلغه خبر النسخ، وأفتى بظاهر

الحديث المنسوخ، وأما قوله: " والإجماع عندنا إجماع الصحابة، فغير

مُسلم، لأن الأدلة غير فارقة بين أهل عصرٍ، بل هي تتناول لأهل كل

عصرٍ كتناولها لأفل عصر الصحابة، إذ لو كانت خطابا للموجودين وقت

النزول فقط يلزم أن لا ينعقد إجماع الصحابة بعد مَوْت من كان موجودا

وقت النزول، لأنه ح (١) لا يكون إجماعهم إجماع جميع المخاطبين وقت

النزول، ويلزم أن لا يعتد بخلاف من أسْلم، أو ولد من الصحابة بعد

[١/ ٢٠٧ - ب] النزول، لكونهم خارجين عن الخطاب، / وقد اتفقتم معنا على إجماع هؤلاء فلا يختص بالمخاطبين، والخطاب لا يختص بالموجودين كالخطاب

بسائر التكاليف. وهذا الذي قاله ابن حبان هو مذهب داود وأتباعه.

وأما قوله: " والمرسل عندنا وما لم يُرْو سيان، إلى آخره فغير مُسلم

- أيضا لأن إرسال العدل من الأئمة تعديل له، إذ لو كان غير عدل

لوجب علي التنبيه على جرْحه، والإخبار عن حاله، فالسكوت بعد

الرواية عنه يكون تلبيسا أو تحميلاً للناس على العمل بما ليس بحجة،

والعدل لا يتهم بمثل ذلك، فيكون إرساله توثيقا له، لأنه يحتمل أنه كان

مشهورا عنده فروي عنه بناء على ظاهر حاله، وفوض تعريف حاله إلى

السامع حيث ذكر اسمه، وقد استدل بعض أصحابنا لقبول المرسل باتفاق


(١) أي: " حينئذ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>