للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الخطابي (١) : في هذا الحديث بيان أن التسليم ركن للصلاة كما

أن التكبير ركن لها، وأن التحليل منها إنما يكون بالتسليم دون الحدث والكلام، لأنه قد عرفه بالألف واللام وعينه كما عين الطهور وعرفه، فكان ذلك منصرفا إلى ما جاءت به الشريعة من الطهارة المعروفة، والتعريف بالألف واللام معِ الإضافة يوجب التخصيص، كقولك: فلان مَبيتُه المَساجد تُريدُ أنه لا مبيت له يأوي إليه غيرها. وفيه دليل على أن افتَتاح الصلاة لا يكون إلا بالَتكبير دون غيره من الأذكار.

قلتُ: قوله: " إن التسليم ركن للصلاة كما أدق التكبير ركن لها " ممنوع، لأن هذا الحديث خبر الآحاد، وبمثله لا تَثبت الفرضية (٢) ، وقياسه على التكبير فاصد، لأن التكبير ما فرض بهذا الحديث، بل بقوله تعالى:" {ربكَ فكبر} (٣) .

وقوله:"وأن التحليل منها إنما يكون بالتسليم " غير مُسلم، لأنه ليس فيه نفي التحليل بغير التسليمِ، والألف واللام إذا دخلا في اسم سواء كان ذلك الاسم مفرداً أو جمعا يصرفه إلى الجنس، والجنس فرد من وجه حتى يقع على الأقل، وجمع من وَجه، لأن الجنس يتضمن معنى الجمع، فيكون المراد: جنس السلام من جنس التحليل، فكما أنه يقع بالسلام يقع بالكلام ونحوه، ولكن لما عين التسليم يكون واجبا.

وقوله: " وفيه دليل على أن افتتاح الصلاة " إلى آخره غير صحيح، لأن الأصل في النصوص: التعليل، وقال تعالى: {وَذَكَرَ اسْمَ ربه فصلى} (٤) والمراد: ذكر اسم الرب لافتتاح الصلاة، لأنه عقيب الصلاةَ الذكرَ بحرف التعقيب بلا فصل، والذكر الذي يتعقبه الصلاة بلا فصل هو تكبيرة الافتتاح، فقد شرع الدخول في الصلاة بمطلق الذكر فلا يجور تقييده باللفظ المشتق من الكبرياء بأخبار الآحاد، والحديث معلولٌ به، وقد استوفينا الكلام فيه في " باب فرض الوضوء " عند هذا الحديث.


(١) معالم الحق (١ / ١٥١- ١٥٢) .
(٢) انظر لحجية خبر الآحاد (١ / ١٨٤) .
(٣) سورة المدثر: (٣) .
(٤) سورة الأعلى: (١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>