بكسر القاف- أي: فهمنا، من الفقه وهو الفهم، واشتقاقه من الشقً
والفتح، يقال: فقه يَفقه فقها- بفتح القاف- وفقها- بسكونها- وفقُه
- بضم القاف- صًار فقيها، وذكر ابن دريد فيه الكسر كالأول، وقد
جعله العُرف خاصا بعلم الشريعة، وتخصيصا بعلم الفروع منها.
قوله: " إذا رجل منتبذ بصَدْرِه " يعني: منفرد من الصف بعيد عنه،
وثلاثيه نبذتُ الشيءَ أنبذهُ نبذأ فهو مَنْبوذ، إذا رمَيْتَه وأبْعدتَه. وفي الحديث:
مر بقبر مُنتبذ عن القبورَ، أي: منفرد بعيد عنها.
قوله: " لتسون " بفتح اللام وضم التاء وتشديد الواو وضمها.
قوله: " أو ليخالفن الله " الكلام فيه كالكلام في " ليخالفن " في
الحديث الأول، ومعنى المخالفة بين الوجوه: يحتمل أن تكون كقوله:
"أن يحول الله صورته صورة حمار " يخالف بصفتهم إلى غيرها من
المسوخ، أو ليخالف بوجه من لم يُقِم صفه، ويُغير صورته عن وجه من
أقامه، أو ليخالف باختلاف صورها بالمسخ والتغيير، / أو يكون المعنى: [١/٢٢٤-ب] يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب كما يقال: تغير وجهُ فلان
علي، أي: ظهر لي من وجهه كراهية لي، وتغير قلبُه علي، لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، واختلاف الظواهر هو
سبب لاختلاف البواطن.
والحديث: أخرجه البخاري، ومسلم من حديث سالم بن أبي الجعْد،
عن النعمان بن بشير، فلفظ البخاري: قال النبي- عليه السلام-:
لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" ولفظ مسلم: " كان
يُسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح، حتى رأى أنا قد عقلنا عنه
خرج يومأ فقام حتى كاد أن يكبر، فرأَى رجلاً باديا صدره فقال:"عباد
الله، لتسون صفوفكم) . وعند ابن ماجه: كان يسوي الصف حتى
يجعله مثل الرمح أو القِدح، قال: فرأى صدرَ رجلٍ ناتئا فقال الحديث.
وعند الترمذي، عن النعمان بن بشير قال: " كان رسول الله يسوي
صفوفنا، فخرج يوما فرأى رجلاً خارجا صدرُه عن القوم، فقال